في تصعيد جديد بالبحر المتوسط، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي سيطر صباح الخميس على أكثر من 40 سفينة من أسطول الصمود العالمي خلال محاولتها اختراق الحصار البحري المفروض على قطاع غزة وإيصال مساعدات إنسانية للسكان المحاصرين.

اعتراض جماعي واعتقالات وترحيل المشاركين

شملت عملية الاعتراض احتجاز مئات المتضامنين الدوليين من بينهم برلمانيون، محامون، ونشطاء من منظمات حقوقية دولية وبيئية كالناشطة السويدية غريتا تونبرغ. نقلت السلطات الإسرائيلية غالبية المشاركين إلى ميناء أسدود، حيث بدأت إجراءات الترحيل “الطوعي” أو إخضاعهم لإجراءات قانونية للترحيل القسري إلى أوروبا، بينما أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها ستُرحل جميع النشطاء الذين كانوا على متن السفن.

هجمات وعمليات تفتيش بحرية في المياه الدولية

ترافقت الاعتراضات مع اعتداءات مسلحين من الجيش الإسرائيلي على السفن داخل المياه الدولية، حيث أوردت منظمات دولية لتوثيق كسر الحصار عن غزة أن الجيش الإسرائيلي صعد بقوة مسلحة إلى القوارب المشاركة، وعطل أجهزة الرصد والتصوير. كما أوردت صفحات الأسطول العالمي أسماء 21 سفينة تعرضت لهجمات مباشرة، من بينها ألما، سيريوس، أدارا، ويولارا، أورورا، عمر المختار، جانوت 3، وغيرها.

استمرار تحدي الأسطول المغاربي واقترابه من غزة

في المقابل، أعلن “أسطول الصمود المغاربي”، أحد مكونات التحالف العالمي، دخوله المياه الإقليمية لقطاع غزة واقتربه من شواطئ القطاع بمسافة 8.4 ميلًا بحريًا، في أقرب محاولة جماعية لكسر الحصار منذ فرضه عام 2007. ورغم عمليات الاعتراض، أوضح المنظمون أن 10 سفن لا تزال تواصل الإبحار نحو غزة، فيما كشف مراسل الجزيرة عن استمرار أكثر من 20 سفينة في مهمة الإغاثة.

ردود فعل دولية: إدانات وتحركات دبلوماسية

العملية الإسرائيلية واجهت انتقادات واسعة؛ حيث استدعت كل من إسبانيا وكولومبيا البعثات والسفارات الإسرائيلية بعد اعتقال مواطنيها المشاركين. وأعلنت وزارة الخارجية الإسبانية مراقبتها حماية مواطنيها والاستعداد لتقديم الدعم الدبلوماسي، فيما أبدت الخارجية البريطانية قلقها إزاء الاعتقال والتواصل مع عائلات البريطانيين على متن السفن. أدانت تركيا الهجوم وفتحت تحقيقًا في اعتقال مواطنيها. كما طردت كولومبيا البعثة الإسرائيلية احتجاجًا على اعتقال اثنين من رعاياها. ودعت منظمات كالعفو الدولية والأمم المتحدة إلى حماية المدنيين الموجودين على متن السفن.

مهمة إنسانية تواجه اتهامات وتحريض من إسرائيل

ورغم الطابع الإنساني والأساسي لمبادرة أسطول الصمود العالمي، تواصل إسرائيل ربطه بحماس والجماعات الفلسطينية المسلحة، معتبرة أنه “استفزاز” ودعم لقوى إرهابية في غزة. في المقابل، شددت لجان الأسطول والمنظمات الدولية على أن المهمة سلمية وقانونية، وتهدف لكسر الحصار وتقديم الإغاثة ودفع الحكومات إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الأزمة الإنسانية.

توثيق وتضامن يوسع دائرة المطالبة بإنهاء الحصار

وثقت اللجنة الدولية لكسر الحصار وقائع الصعود المسلح وتعطيل الأجهزة خلال الاعتداء على السفن، كما انتشرت على منصات التواصل مقاطع فيديو وتنديدات من واسع الطيف الحقوقي؛ الأمر الذي حفز دعوات دولية لإطلاق سراح المعتقلين وضمان سلامة المتضامنين، ووجّه رسالة حاسمة حول الحاجة لفتح الممرات الإنسانية وإنهاء الحصار المتواصل منذ ثمانية عشر عامًا.

وبينما تؤكد المنظمات المدنية أن أسطول الصمود يمثل أكبر محاولة جماعية لكسر حصار غزة في التاريخ، يبقى التحدي مفتوحًا في وجه الاعتقالات والإجراءات الإسرائيلية حتى تحقيق المهمة الإنسانية ورفع الحصار بصورة دائمة عن القطاع المحاصر.في الختام، تظهر المواجهة بين أسطول الصمود العالمي والجيش الإسرائيلي حجم التحديات التي تواجه المبادرات المدنية الرامية لكسر الحصار عن قطاع غزة، وتبرز في الوقت ذاته مدى التضامن الدولي المتنامي مع القضية الفلسطينية وحقوق المدنيين المحاصرين هناك. وبالرغم من الإجراءات القمعية والاعتراضات المسلحة، تواصل السفن المتبقية رحلتها مدفوعةً بإرادة النشطاء وبدعم من الحكومات والمؤسسات الدولية، الأمر الذي يُعيد قضية الحصار الإنساني إلى واجهة الرأي العام العالمي ويجدد المطالبة بفتح ممرات إنسانية ورفع القيود عن القطاع.