موجة الاعتراف بفلسطين تعمّق عزلة إسرائيل: ضغوط دولية وتهديدات بضم الضفة
الاعتراف من بريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا تعيد ملف الدولة الفلسطينية إلى الواجهة
تشهد الساحة الدولية تحولا استثنائيا في الموقف من القضية الفلسطينية، مع انضمام عشرات الدول الغربية مؤخرًا لقائمة المعترفين بدولة فلسطين، بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطوة قالت صحيفة “إل باييس” إنها زادت العزلة السياسية لإسرائيل وكشفت حدود قدرتها على مواجهة الضغوط العالمية المتصاعدة. أبرزت الصحيفة أن هذه التطورات جاءت في ظل استمرار تهديدات تل أبيب بضم الضفة الغربية وتجاهلها لجهود إحياء حل الدولتين.
اعتراف جماعي بدولة فلسطين وقلق من ضم الضفة
في الأيام الأخيرة، أعلنت بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا والبرتغال ومالطا وبلجيكا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، ليرتفع عدد الدول المعترفة إلى أكثر من 153 من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، بما في ذلك ثلاث أرباع أعضاء الناتو ومعظم مجموعة العشرين. ترافقت هذه الاعترافات مع تحذيرات دولية شديدة من تداعيات أي خطوة إسرائيلية نحو ضم الضفة الغربية أو فرض السيادة عليها، وهي الخطوة التي ألمح إليها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير علنًا.
وشددت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر على أن لندن لن تتسامح مع أي إجراء “انتقامي” من تل أبيب بحق حلفائها، فيما أكد وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو أن باريس سترد “بأقصى درجات الحزم” على أي تداعيات أو تصعيد إسرائيلي.
عزلة إسرائيلية وفتور أمريكي
أشارت “إل باييس” إلى أن الولايات المتحدة اكتفت بالصمت حتى الآن، ولم تعلق رسميًا على موجة الاعترافات الصادرة عن أقرب حلفائها. ويظل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متمسكًا برفض الاعتراف بدولة فلسطينية، رغم شعور متزايد بعدم الارتياح لدى الإدارة الأمريكية تجاه انفلات مسار الأزمة الإسرائيلية – الفلسطينية وخشية فقدان السيطرة على الديناميات الجديدة في المنطقة.
بدورها، تنتظر تل أبيب عودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من واشنطن لاتخاذ موقف واضح، بينما لمّح رد فعله السابق إلى اعتبار هذه الاعترافات “تأييدًا لحركة حماس”، رغم إصرار الدبلوماسيين الإسرائيليين على اتخاذ إجراءات تصعيدية بحق باريس تحديدًا دون تحديد خطوات مماثلة ضد دول “العيون الخمس” (واشنطن، لندن، كندا، أستراليا، نيوزيلندا).
حل الدولتين مجددًا في صدارة المشهد
جاءت هذه الموجة من الاعترافات مع اقتراب انعقاد مؤتمر دولي بشأن “حل الدولتين”، وهو النهج الذي تعتبره معظم الدول الغربية، والأمم المتحدة، الخيار الوحيد لضمان سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط. وذكّرت الصحيفة بأن الصيغة التي أطلقها اتفاق أوسلو في التسعينات تعرّضت لانتكاسات متكررة بسبب غياب التطبيق والإجراءات الأحادية التصعيدية من الطرفين، حتى تحولت مؤخرًا إلى مطلب دولي صريح في مواجهة المشاريع الإسرائيلية للضم والاستيطان.
العامل الفلسطيني وردود الفعل
لاقى الاعتراف رواجا فلسطينيا رسميا وشعبيا واسعا، حيث اعتبره الرئيس محمود عباس خطوة ضرورية لكسر الجمود وفرض الاستحقاق الدولي بحق تقرير المصير، فيما رحبت قيادة السلطة والفصائل باعتباره مكسبا للدبلوماسية الفلسطينية وهزيمة سياسية لإسرائيل. وأكد عباس على ضرورة استثمار هذه الاعترافات للدفع قُدمًا بمسار إنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
التوازن الدولي.. معايير الاعتراف ودلالاته
يرى مراقبون أن حالة الإجماع الجديد تعطي دفعة قوية للفلسطينيين، وتشكل إقرارا بفشل الرهانات الطويلة على تغييب ملف الدولة المستقلة عبر سياسات فرض الأمر الواقع. ووفق الإحصاءات، فقد أصبح لفلسطين الآن صوت معترف به في الأمم المتحدة، وحق التمثيل في معظم وكالات المنظمة والمتابعة القانونية أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
مخاطر التصعيد ومرحلة جديدة من الضغط
حذرت جميع الأطراف الدولية – خصوصا فرنسا وبريطانيا – من خطورة التوجه الإسرائيلي نحو ضم أجزاء من الضفة الغربية، مؤكدين أن ذلك سيقوض نهائيا فرص التفاوض ويهدد الأمن الإقليمي، ويرسخ عزل إسرائيل دبلوماسيا وربما اقتصاديًا في حال تصعيد النزاع.
تلخص موجة الاعترافات الأخيرة بدولة فلسطين المشهد الدولي المتغير: تضامن متنام مع الحقوق الفلسطينية، وتشديد للضغوط على حكومة إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي، وانفتاح أوسع أمام تحركات فلسطينية قانونية وسياسية لإعادة صياغة معادلة الصراع في المنطقة.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: