حميدان التركي يعود إلى الرياض بعد 20 عامًا في السجون الأمريكية

حميدان التركي يعود إلى الرياض بعد 20 عامًا في السجون الأمريكية

حميدان التركي يعود إلى الرياض بعد 20 عامًا في السجون الأمريكية

تفاصيل النهاية المثيرة لقضية أشعلت الرأي العام

حلّقت مشاعر الفرح والفخر في سماء المملكة العربية السعودية، إثر وصول المواطن السعودي حميدان التركي إلى الرياض بعد رحلة اعتقال في الولايات المتحدة امتدت لعشرين عامًا، لتطوى بذلك واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل والمتابعة الجماهيرية في العقود الأخيرة. لحظة وصوله إلى أرض الوطن تحولت إلى حدث وطني، وتلاقى فيها الدمع مع الزغاريد، إذ تداول الجمهور والإعلام مقاطع الفيديو الحية لاستقبال التركي، الذي بدا متغير الملامح بعدما كست لحيته البياض نتيجة سنوات الأسر الطويلة.

الفصل الأخير… عودة إلى الديار بعد صبر طويل

ما إن أكد نجل المفرج عنه، تركي التركي، وصول والده إلى أرض الوطن عبر حسابه بمنصة “إكس”، حتى تدفقت التعليقات ورسائل الحمد والثناء للمملكة وقيادتها، اعترافًا بكل الجهود الدبلوماسية والإنسانية التي بُذلت طيلة سنوات القضية حتى الإفراج. جاء في رسالته المؤثرة: “الحمد لله على تمام نعمته… والدنا حميدان التركي متجه إلى أرض الوطن. ونثمن جهود سفارة المملكة التي كان لها الأثر الكبير في عودته إلى وطنه.”

مشهد الاستقبال كان مؤثرًا للغاية، حيث احتضن التركي أبناءه وأسرته وأصدقاءه في لحظة جسدت صدى الشوق ومرارة الغربة ومعنى الحرية المنتزعة بعد محنة طويلة.

بداية القصة… من بعثة علمية إلى مذكرة اعتقال

تعود جذور قضية التركي إلى أوائل الألفية، حين ابتعث إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراسة الدكتوراه، رفقة زوجته سارة الخنيزان وأبنائهما الخمسة. ولكن في عام 2004، تغير مسار حياة الأسرة جذريًا حين اتُهم مع زوجته بإساءة معاملة خادمتهما الإندونيسية ومخالفة قوانين الهجرة والإقامة الأمريكية. أُطلق سراحهما بدفع كفالة، لكن سرعان ما أُلقي القبض عليهما مجددًا في 2 يونيو 2005، لتبدأ رحلة الوجع القانوني والعائلي، إذ أُخضعا لتحقيقات ومحاكمات متواصلة بينما تُرك الأبناء في مواجهة مصيرهم بعيدًا عن الأبوين.

في 31 أغسطس 2006، أصدرت المحكمة حكمًا قاسيًا بسجن حميدان التركي لمدة 28 عامًا، جلَدٌ نفسي واجتماعي علّق حياة الأسرة وجعلها تحت الضوء الإعلامي في السعودية والعالم.

Web_Photo_Editor-6-14 حميدان التركي يعود إلى الرياض بعد 20 عامًا في السجون الأمريكية

تخفيف الحكم… وبقاء الأمل حيًا

الإصرار على المثابرة والدعاء والتضامن الشعبي السعودي لم يتوقف. ففي 25 فبراير 2011، وبعد شهادات من مسؤولي السجن حول حسن سلوك التركي وتأثيره الإيجابي على المحيطين به خلال سنوات الاعتقال، أقدمت المحكمة الفيدرالية الأمريكية على تخفيف الحكم إلى 8 أعوام فقط. ومع ذلك ظل التركي رهن الاعتقال، إذ شهدت قضيته مماطلات قانونية وطعونًا وإعادة نظر من حين لآخر، ليبقى الأمل في الحرية حاضرًا مع كل جلسة جديدة، وكل تحرك من السفارة والجهات المعنية.

زخم إعلامي وشعبي لم ينطفئ

تجاوزت قضية التركي المسار القانوني لتتحول إلى قضية رأي عام في المملكة، مع حملات دعم واسعة، ووقفات رمزية حتى في مناسبات الحج والعمرة، وتغطية إعلامية مكثفة عززتها رسائل التضامن وبرقيات الدعم للعائلة. وارتبط اسم حميدان التركي في الوعي الجماهيري بقيم الصمود والثبات على المبادئ، حيث واصلت أسرته نضالها في ساحات القضاء والإعلام حتى لحظة الإفراج التاريخية.

الدروس والعِبَر… كيف غيرت القصة وعي المجتمع؟

حملت هذه القصة الكثير من العبر؛ أولها دور الروابط الأسرية والتضامن الشعبي في مساندة شخص تعرض لمحنة كبرى بالخارج، والدور الدبلوماسي المحوري الذي لعبته الجهات السعودية في الذود عن مواطنيها وحماية حقوقهم. كما سلطت الأضواء على قضايا العدالة والاندماج في المجتمعات الغربية، وساعدت على تعميق نقاش وطني حول أهمية دعم السعوديين المغتربين.

عودة حميدان التركي… بداية عهد جديد لعائلة صبرت 20 عامًا

عودة حميدان التركي لرؤية أبنائه وعائلته بعد عشرين عامًا كانت بمثابة ولادة جديدة، وتجديد ثقة المجتمع بوحدة الوطن واستدامة العلاقات الأسرية رغم المتغيرات والضغوط الهائلة. إذ ظهر التركي في مقاطع الفيديو التي احتفى بها المغردون السعوديون متأثرًا وهادئًا بلحيته البيضاء، مؤكدًا بقوة صموده أن الحرية ثمنها الصبر والإيمان وعدم فقدان الأمل حتى في أشد الظروف قسوةً.

وبهذا المشهد، ينتهي فصلٌ مؤلم في حياة أسرة حميدان التركي، لكنه يبقى شاهدًا على أن الإيمان بقوة الإرادة والعمل الجماعي قادر على انتزاع الفرج مهما طالت عتمة الليل.

 

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر

Share this content: