السيسي يشيد بقرار بريطانيا التوجه للاعتراف بدولة فلسطين
خطوة تاريخية نحو السلام في الشرق الأوسط
في تطور دبلوماسي بارز يعكس التغير في مواقف العواصم الغربية من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ثمّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تصريحات رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بشأن توجه بلاده نحو الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين. واعتبر السيسي أن إعلان بريطانيا عن ذلك القرار “يمثل الخطوة الصحيحة على مسار استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”، مشددًا على تطلعه لأن تتخذ المملكة المتحدة هذا القرار التاريخي في أقرب وقت “دون قيد أو شرط”.
جاءت تصريحات الرئيس المصري في بيان رسمي نشره الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية مساء الثلاثاء، وسط أجواء من الترقب الدولي حول التصعيد في غزة وتصاعد الدعوات الأممية والأوروبية لحماية حل الدولتين، الذي يتعرض لاختبار حقيقي وغير مسبوق بسبب استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وغياب أي أفق سياسي واضح.
موقف مصري ثابت: لا سلام دون عدالة للفلسطينيين
وجدد السيسي، في سياق حديثه، التأكيد على الموقف الثابت لمصر من القضية الفلسطينية، قائلاً: “التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية تظل السبيل الوحيد لتحقيق السلام الحقيقي والمستدام في منطقة الشرق الأوسط.” هذا الموقف المصري المتجذر أكسب القاهرة مكانتها التاريخية كوسيط إقليمي بالغ التأثير في ملفات الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبوابة العبور الأساسية لمحاولات إعادة إحياء عملية السلام وإنهاء دوامة العنف.
بريطانيا: اعتراف بدولة فلسطين قريبًا لحماية حل الدولتين
بدوره، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أمام حكومته، أن اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطين متوقع أن يتم في سبتمبر المقبل، ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات “جوهرية” لإنهاء الوضع الإنساني المأساوي في غزة. وأضاف ستارمر أن هذا الاعتراف بات ضرورة سياسية وأخلاقية الآن بعد تراجع فرص التوصل إلى حل الدولتين واشتداد معاناة المدنيين الفلسطينيين.
ونقل متحدث باسم “داونينغ ستريت” أن ستارمر أوضح لمجلس الوزراء أن الوضع في غزة لم يعد يحتمل، وأن الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين سيكون قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، لكنه ربط اتخاذ القرار النهائي بعدة شروط؛ أبرزها التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار، ووقف أي خطوات أحادية لضم الأراضي في الضفة الغربية، ووضوح النية بالدخول في عملية سلام تؤدي فعليًا إلى حل الدولتين.
ويؤكد فريق ستارمر أن بريطانيا في سياستها الجديدة لا تساوي بين إسرائيل وحركة حماس، مشددًا على بقاء المطالب البريطانية من الحركة قائمة فيما يتعلق بنبذ العنف والالتزام بمبادئ التسوية السياسية.
تواصل الضغوط الدولية لتثبيت الحل السياسي
التحولات الأخيرة في السياسة البريطانية تأتي ضمن موجة ضغط متزايدة من المجتمع الدولي باتجاه إسرائيل، حيث تدعو عدة دول أوروبية كإسبانيا وأيرلندا والنرويج مسبقًا للاعتراف بدولة فلسطين، وترى أن هذه الخطوة ليست مجرد إعلان رمزي بل أداة ضاغطة لدفع جميع الأطراف نحو طاولة المفاوضات وتفعيل عملية السلام المتوقفة منذ سنوات.
شدد السيسي على أن “القضية الفلسطينية تمر بمنعطف تاريخي، وأن المجتمع الدولي مطالب اليوم بقرارات جريئة تضع حدًا لمعاناة الملايين وتعيد الصراع لمسار التسوية السياسية لا الدوائر الدموية”. وأضاف أن الاعتراف البريطاني سيكون بمثابة رسالة قوية للعالم بأن الإجماع الدولي بضرورة حل الدولتين لم يعد قابلاً للتأجيل أو الالتفاف.
غزة مركز الاهتمام الدولي وشرط للسلام
تزامن الموقف البريطاني مع تصاعد المأساة الإنسانية في غزة، حيث أشارت مصادر رسمية بريطانية إلى أن الأوضاع الراهنة في القطاع – من ارتفاع حالات الوفاة المرتبطة بالحرب والجوع ودمار البنية التحتية – تدفع لندن إلى اتخاذ موقف أكثر وضوحًا وحسمًا لصالح الاستقرار الإقليمي، خاصة إذا لم تظهر بوادر حقيقية من جانب إسرائيل لإنهاء التصعيد الحالي.
وأكد ستارمر أن حكومته لن تنتظر إلى ما لا نهاية، بل ستربط توقيت الاعتراف بالإجراءات الإسرائيلية المرتقبة، معتبرًا أن وضع الفلسطينيين، ومستقبل الدولة الفلسطينية، يجب أن يكونا مطروحين بجدية على طاولة المجتمع الدولي قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام.
استحقاق تاريخي وتغيير في المشهد الدولي
يرى مراقبون أن الدعم المصري للاعتراف البريطاني، والضغوط المشتركة من عدة عواصم أوروبية، يفتح نافذة جديدة قد تقود في حال تبلورها إلى تغيير عميق في مواقف بقية دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ومن شأن هذه التحركات أن تكسر الجمود الذي عطّل خطة السلام طويلاً، وتعيد رسم خريطة الشرق الأوسط انطلاقًا من بوابة إقامة الدولة الفلسطينية.
وفي ظل تعقيدات المفاوضات وتغيير مواقف اللاعبين الدوليين والإقليميين، يحظى اعتراف دولة كبيرة كالمملكة المتحدة بأهمية رمزية وسياسية كبرى، ويعيد للفلسطينيين الأمل في استعادة جزء من حقوقهم المسلوبة، ويدفع جميع الأطراف نحو التسوية بعيدًا عن دائرة المواجهات المستمرة.
بهذا التوجه الجديد، يراهن السيسي وقيادة مصر على الدور الأوروبي في إعادة الروح لملف القضية الفلسطينية المتراجع، معتبرًا أن العدالة للشعب الفلسطيني هي مفتاح السلام الحقيقي والشامل في الشرق الأوسط. وما بين القاهرة ولندن، ينتظر الجميع قرارًا تاريخيًا يغيّر معادلات الصراع، ويمنح فلسطين موقعها المستحق على خريطة العالم كدولة معترف بها لعلها تكون بداية لمسار جديد من الأمل والتسوية الشاملة والعادلة.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: