الدروز في سوريا: من هم؟ ولماذا يطالبون بالحماية الدولية وتتحرك إسرائيل لحمايتهم؟

الدروز في سوريا: من هم؟ ولماذا يطالبون بالحماية الدولية وتتحرك إسرائيل لحمايتهم؟

الدروز في سوريا: من هم؟ ولماذا يطالبون بالحماية الدولية وتتحرك إسرائيل لحمايتهم؟

في ظل تصاعد التوترات والاشتباكات الدامية في محافظة السويداء جنوبي سوريا، عادت الطائفة الدرزية إلى واجهة الأحداث مجددًا. تدخل الجيش السوري مؤخرًا إلى معقل الدروز في الجنوب أعاد مخاوف المجتمع الدولي حول مصير الأقليات، ودفع إسرائيل للتدخل بشكل مباشر عبر ضربات ضد أهداف للنظام السوري في المنطقة، تحت شعار حماية الدروز. فما حقيقة موقف الدروز؟ وما سر تحرك إسرائيل؟

Web_Photo_Editor-9-5 الدروز في سوريا: من هم؟ ولماذا يطالبون بالحماية الدولية وتتحرك إسرائيل لحمايتهم؟

من هم الدروز؟ خلفية تاريخية وديموغرافية

الدروز طائفة عربية دينية انبثقت في القرن الحادي عشر في مصر، ويبلغ عددهم اليوم نحو مليون نسمة يتوزعون بين سوريا (وخاصة السويداء)، ولبنان، وشمال فلسطين (إسرائيل الحالية). تتركز الأغلبية الساحقة للدروز في محافظة السويداء قرب الحدود مع الجولان، إلى جانب تجمعات كبيرة لهم في لبنان وسكان في شمال إسرائيل، لا سيما في الجليل وجبل الكرمل.
الدروز دينهم مغلق: لا يسمح بالتبشير أو بالزواج المختلط، ولا يبيح الخروج منه أو التحول إليه.

الدروز في الجولان

بقي القسم الأكبر من دروز الجولان يحتفظ بهويته السورية، ورفضوا منذ 1967 عروض الجنسية الإسرائيلية، وحصلوا بدلًا من ذلك على بطاقات إقامة دائمة، بينما تعرّف غالبيتهم بأنهم سوريون ويرفضون السياسات الإسرائيلية، رغم العيش سنوات طويلة تحت الحكم الإسرائيلي.

جذور الصدام مع الحكومة السورية الحالية

بعد سقوط نظام بشار الأسد وصعود الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وعدت السلطة الجديدة بحماية كل المكونات الدينية، إلا أن الصدام مع الدروز تأجج على خلفية عدة قضايا، أبرزها:

  • مسألة نزع سلاح الدروز: تسعى دمشق بقوة إلى دمج كل الفصائل المسلحة الدرزية في الجيش الموحد الجديد، بينما يتمسك الدروز بالاحتفاظ بقواتهم كضمانة للأمن الذاتي في منطقة لطالما عانت تقلبات الصراع.

  • توترات بسبب تمثيل ضعيف: يشعر الدروز بالتهميش في الحكومة ذات الطابع الإسلامي الجديد، إذ لا يشاركون إلا بوزير واحد، واستُبعد بعض أبرز قادتهم من الحوار الوطني.

  • أحداث دامية: اشتباكات السويداء الأخيرة بين مجموعات درزية وفصائل بدوية موالية للحكومة، أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، مع تقارير عن مشاركة ميليشيات متشددة متحالفة مع الحكومة في اشتباكات عنيفة ضد الدروز.

تصريح حكمت الهجري: هل يمكن أن تتعرض السويداء “لحرب إبادة”؟

في ظل تصاعد العنف، خرج الزعيم الروحي الأبرز للدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، بنداء شديد اللهجة دعا فيه إلى حماية دولية من جميع الدول، مضيفًا أن “الطائفة تتعرض لحملة إبادة شاملة وقمع بوحشية من الحكومة السورية والقوات المتحالفة معها”.
حذر الهجري من مساعٍ لإخضاع المنطقة بالقوة، وأدان غياب الثقة في “ضمانات” دمشق، ملمحًا إلى وجود تهديد حقيقي لكيان الدروز في سوريا.

Web_Photo_Editor-8-9 الدروز في سوريا: من هم؟ ولماذا يطالبون بالحماية الدولية وتتحرك إسرائيل لحمايتهم؟

في المقابل، رحب زعماء فصائل درزية أخرى بدخول الحكومة السورية وطلبوا الحوار وتسليم السلاح للدولة، ما يعكس انقسام الموقف الدرزي الداخلي في ظل فوضى الأحداث.

لماذا تتدخل إسرائيل لحماية الدروز؟

ترتكز السياسة الإسرائيلية في الجنوب السوري على محورين رئيسيين:

  1. العامل الإستراتيجي: تحرص تل أبيب على أن تظل المناطق المحاذية للجولان تحت نفوذ مجموعات غير معادية لها. ويمثل الدروز ضامنًا تقليديًا للاستقرار، خاصة بعد عقود من التعاون بين إسرائيل ودروز الجولان ودروز الأراضي المحتلة.

  2. الاعتبارات الداخلية: هناك نحو 130 ألف درزي يحملون الجنسية الإسرائيلية ويخدمون إجبارياً في الجيش الإسرائيلي ويشغلون مناصب رفيعة. ويعتبر هؤلاء الدروز مواطنين “مميزين” في المعادلة الاجتماعية الإسرائيلية، ما يجعل حماية الدروز مصلحة داخلية أيضًا.

صرّح مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل “ملتزمة بمنع أي أذى يلحق بالدروز في سوريا”، تارة حفاظاً على “التحالف الأخوي” مع دروز إسرائيل، وتارة للروابط العائلية القوية بين دروز سوريا والجولان وإسرائيل. ولا تخفي الدولة العبرية أنها لن تسمح بزحف ميليشيات معادية أو سيطرة تامة لدمشق على الجنوب السوري، وفرضت، من جانب واحد، منطقة عازلة قرب حدودها.

وقد أعلنت تل أبيب قصف قوات النظام السوري في السويداء صراحةً، وتكررت هذه الضربات بحجة تحذير دمشق وحماية الدروز، حتى مع استمرار رفض دمشق وحلفائها للخطوة الإسرائيلية التي يعتبرونها عدواناً وانتهاكاً للسيادة السورية.

مستقبل العلاقة: صدام أم صفقة مع دمشق؟

الواقع أن مستقبل الدروز في سوريا بات مسرحاً لصراع نفوذ بين إسرائيل والحكومة السورية الجديدة والقوى الإقليمية. رغم الحديث عن محاولات تطبيع سرية بين الحكومة الجديدة في دمشق وتل أبيب، ووجود مساعٍ غربية لتوسيع نطاق “اتفاقات إبراهيم” لتشمل سوريا ولبنان، إلا أن القصف الإسرائيلي المتكرر وتنامي النفوذ الإيراني المتواصل يعقدان أي صفقة محتملة.

من جهة، تصر دمشق على إعادة فرض سيطرتها على الجنوب، فيما تواصل إسرائيل ضرباتها وتضغط لضم دمشق إلى دائرة التطبيع. وفي خضم كل ذلك، يعيش الدروز في سوريا بين مطرقة ضغوط السلطة وسندان التدخلات الإقليمية، ويخيم الغموض على مستقبلهم والجنوب السوري بأسره.

تظل أحداث السويداء وتداعياتها عنوانًا لصراع أوسع حول الأقليات وتوازنات النفوذ الإقليمي في سوريا، بينما يبقى مصير الدروز معلقًا بين نيران الداخل وسجالات الخارج، في انتظار لحظة تسوية تحفظ الأمن والوجود وتوقف دائرة العنف الدامي.

 

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر

Share this content: