عقبات أمام اتفاق سلام سوريا وإسرائيل

عقبات أمام اتفاق سلام سوريا وإسرائيل

عقبات أمام اتفاق سلام سوريا وإسرائيل

مطلب أمني ترفضه دمشق وملف الجولان في قلب المفاوضات

تواجه المحادثات الجارية بين سوريا وإسرائيل عقبات جوهرية تهدد إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل، رغم الأجواء الإيجابية التي أفرزتها التحركات الدبلوماسية الأخيرة وتخفيف العقوبات الأمريكية على دمشق. فقد كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست”، نقلاً عن مصادر مطلعة على سير المفاوضات، أن الخلافات حول الترتيبات الأمنية وملف مرتفعات الجولان لا تزال تشكل حجر عثرة أمام أي انفراجة حقيقية في مسار التفاوض.

مطلب أمني سوري يرفضه الإسرائيليون

أوضحت المصادر أن إدارة الرئيس السوري أحمد الشرع أبلغت الجانب الإسرائيلي بوضوح أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يتضمن التزاماً إسرائيلياً بعدم تنفيذ أي عمليات عسكرية أو أمنية داخل الأراضي السورية. وتصر دمشق على أن السيادة الوطنية خط أحمر، وأن أي اختراق أمني إسرائيلي بعد توقيع اتفاق السلام سيقوض الثقة ويعيد المنطقة إلى مربع التوتر.

في المقابل، تصر إسرائيل على الاحتفاظ بحق التدخل الأمني والعسكري داخل سوريا في حال ظهور تهديدات جديدة، خاصة إذا تم سحب قواتها من المناطق العازلة التي تطالب دمشق باستعادتها. وترى تل أبيب أن الحفاظ على القدرة على التعامل مع التهديدات الأمنية، سواء من الميليشيات المدعومة من إيران أو منظمات أخرى، أمر غير قابل للتفاوض، وهو ما يضع الطرفين في مواجهة مباشرة حول مفهوم الأمن الإقليمي وحدود السيادة.

مرتفعات الجولان: عقدة الاتفاق

يبرز ملف مرتفعات الجولان كواحد من أكثر القضايا حساسية في المفاوضات. فقد أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الإثنين، أن “الجولان سيبقى جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل”، مشيراً إلى أن القانون الإسرائيلي فُرض على المنطقة منذ أكثر من 40 عاماً. وأوضح ساعر أن إسرائيل معنية بتوسيع دائرة اتفاقات أبراهام لتشمل دولاً مثل سوريا ولبنان، شرط الحفاظ على المصالح الأمنية الإسرائيلية.

من جانبها، ترفض دمشق أي اتفاق لا يتضمن ترتيبات واضحة بشأن مستقبل الجولان، وتصر على أن استعادة السيادة السورية على المنطقة شرط أساسي لأي سلام دائم. ويؤكد مراقبون أن أي اتفاق في المرحلة الحالية سيكون في أفضل الأحوال “سلاماً بارداً”، يركز على ترتيبات أمنية مؤقتة دون تغيير فعلي في وضع الجولان.

Web_Photo_Editor-5-1 عقبات أمام اتفاق سلام سوريا وإسرائيل

ترتيبات أمنية ومناطق عزل

تشير المصادر إلى أن الاتفاق المحتمل سيركز في مرحلته الأولى على ترتيبات أمنية تتعلق بالمناطق العازلة على الحدود، مع آليات مراقبة دولية لضمان عدم عودة التصعيد. وتبقى التفاصيل المتعلقة بانتشار القوات، ونقاط التفتيش، ودوريات المراقبة، محل نقاش مستمر بين الجانبين، وسط مخاوف إسرائيلية من استغلال أي فراغ أمني من قبل قوى إقليمية معادية.

دور الولايات المتحدة وتخفيف العقوبات

في خطوة قد تدفع المفاوضات قدماً، يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإصدار أمر تنفيذي بإلغاء معظم العقوبات المفروضة على سوريا، في إطار استراتيجية جديدة تهدف إلى تشجيع دمشق على الانخراط بجدية في مسار السلام. وكانت إدارة ترامب قد أعلنت في 23 مايو الماضي عن الموجة الأولى من تخفيف العقوبات، والتي شملت إصدار ترخيص عام يسمح للأمريكيين بالدخول في معاملات مالية مع كيانات حكومية سورية، مثل البنك المركزي، وشركة النفط الوطنية، وشركة الطيران الوطنية السورية.

ويرى محللون أن تخفيف العقوبات يمثل حافزاً اقتصادياً مهماً لسوريا، وقد يسهم في تليين موقف دمشق من بعض القضايا العالقة، لكنه في الوقت نفسه يثير مخاوف إسرائيلية من أن يؤدي إلى تعزيز نفوذ خصومها في المنطقة إذا لم يقترن بضمانات أمنية صارمة.

آفاق الاتفاق: سلام بارد أم بداية لمرحلة جديدة؟

رغم الأحاديث المتزايدة عن إمكانية التوصل إلى اتفاق، يؤكد مصدر مطلع على المفاوضات أن “الاتفاق المحتمل لن يتعدى في أفضل الأحوال سلاماً بارداً في المرحلة الأولى”، مشيراً إلى أن الترتيبات الأمنية ستبقى محور التركيز الأساسي، فيما سيظل ملف الجولان معلقاً إلى حين توفر ظروف سياسية أكثر نضجاً.

ويضيف المصدر أن نجاح أي اتفاق يتوقف على قدرة الطرفين على تجاوز عقبات الثقة المتبادلة، وتقديم تنازلات واقعية تضمن الأمن والاستقرار على المدى البعيد، مع الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة لمعالجة الملفات الشائكة تدريجياً.

في ظل استمرار الخلافات العميقة حول الملفات الأمنية والسيادية، يبقى مستقبل اتفاق السلام بين سوريا وإسرائيل رهيناً بمدى قدرة الطرفين على تجاوز العقبات الجوهرية، وسط ترقب إقليمي ودولي لأي انفراجة قد تعيد رسم خريطة الاستقرار في الشرق الأوسط.

 

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر

Share this content: