في مشهد يعكس هشاشة التهدئة وصعوبة ضبط إيقاع الحرب، دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ صباح اليوم، وسط تضارب الأنباء حول مدى الالتزام به، واستمرار الهجمات الصاروخية الإيرانية على مدن إسرائيلية. وبينما أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية بدء سريان وقف إطلاق النار في تمام الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي، تواصلت صفارات الإنذار ودوي الانفجارات في مناطق شمال وجنوب إسرائيل، في مؤشر على أن الطريق إلى السلام لا يزال محفوفاً بالتحديات.

وقف إطلاق النار: إعلان رسمي وتضارب في المواقف

أعلنت هيئة البث الإسرائيلية بدء وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران في تمام الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي (4:00 بتوقيت غرينتش)، استناداً إلى اتفاق توسطت فيه أطراف دولية بقيادة الولايات المتحدة. وجاء الإعلان بعد ساعات من تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب على منصته “تروث سوشيال” بأن وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ خلال ست ساعات، ويدوم مبدئياً لمدة 12 ساعة، على أن تُعلن نهاية الحرب رسمياً بعدها إذا لم تُستأنف العمليات.

ورغم الإعلان الإسرائيلي، نفت إيران رسمياً التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن وقف إطلاق النار. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي فجر اليوم الثلاثاء إن بلاده “لم تتوصل بعد إلى اتفاق مع إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار”، ما ألقى بظلال من الشك على جدية واستدامة التهدئة.

تصعيد ميداني: هجمات صاروخية إيرانية متواصلة على إسرائيل

تزامناً مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أفادت الجبهة الداخلية الإسرائيلية بأن صفارات الإنذار دوت في مدينة حيفا ومناطق شمال إسرائيل، مع ورود تقارير عن انفجارات في جنوب البلاد. وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن مدينة بئر السبع تعرضت لهجوم صاروخي إيراني أصاب مبنى سكنياً بشكل مباشر، ما أدى إلى مقتل ستة إسرائيليين وإصابة آخرين، بينهم حالات متوسطة وطفيفة، بينما لا يزال عدد من الأشخاص عالقين تحت الأنقاض بحسب طواقم الإسعاف.

وأعلن مستشفى سوروكا في بئر السبع استقباله عشرة مصابين جراء القصف، بينهم اثنان في حالة متوسطة والباقون إصاباتهم طفيفة. وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أنه تم رصد خمس دفعات من الصواريخ الإيرانية منذ فجر اليوم، بإجمالي 11 صاروخاً أطلقت على إسرائيل خلال الساعتين الماضيتين.

من جهتها، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن إيران أطلقت صباح اليوم 15 صاروخاً باتجاه إسرائيل، ما يعكس حجم التصعيد رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار.

أهداف إيرانية: حيفا وقاعدة رامات ديفيد الجوية تحت القصف

في المقابل، نقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن صواريخ إيرانية استهدفت مدينة حيفا وقاعدة رامات ديفيد الجوية، ضمن سلسلة هجمات صاروخية جديدة شنتها طهران منذ ساعات الفجر الأولى. وأكدت الوكالة أن هذه الهجمات تأتي رداً على استمرار “العدوان الإسرائيلي”، في حين شددت طهران على أنها تحتفظ بحق الرد على أي خرق للتهدئة.

إجراءات إسرائيلية مشددة: إغلاق المجال الجوي وتحذيرات للسكان

في ظل استمرار الهجمات، طلبت الجبهة الداخلية الإسرائيلية من سكان شمال البلاد البقاء قرب الأماكن المحصنة واتباع تعليمات السلامة. كما أعلنت القناة 12 الإسرائيلية أن السلطات قررت إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي حتى إشعار آخر، في إجراء احترازي يهدف إلى حماية المدنيين والمنشآت الحيوية من أي هجمات محتملة.

مستقبل التهدئة: طريق محفوف بالمخاطر

رغم دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ، إلا أن استمرار الهجمات الصاروخية والتصريحات المتضاربة من الجانبين يثيران الشكوك حول قدرة الأطراف على الالتزام الكامل بالتهدئة. ويؤكد محللون أن نجاح وقف إطلاق النار يتوقف على مدى استعداد كل طرف لتقديم تنازلات حقيقية، وتفعيل آليات رقابة دولية لضمان عدم تجدد التصعيد.