وداعًا لطفي لبيب: مسيرة فنية وإنسانية حافلة يطويها الرحيل

وداعًا لطفي لبيب: مسيرة فنية وإنسانية حافلة يطويها الرحيل

وداعًا لطفي لبيب: مسيرة فنية وإنسانية حافلة يطويها الرحيل

في مشهد محزن أصاب الوسط الفني المصري والعربي بالحزن، توفي الفنان القدير لطفي لبيب مساء اليوم، داخل أحد المستشفيات بالقاهرة، بعد صراع مرير مع المرض وتدهور كبير في حالته الصحية خلال الساعات الأخيرة. وأكد الخبر منير مكرم، عضو مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية، مشددًا على أن الفنان الكبير كان قد نُقل إلى العناية المركزة مؤخرًا إثر وعكة صحية شديدة جعلته يصارع مضاعفاتها حتى اللحظات الأخيرة من عمره.

رحيل إنسان نادر وفنان موسوعي

برحيل لطفي لبيب، يفقد الفن المصري والعربي واحدًا من أبرز وجوه الإبداع الكوميدي والدرامي، الذي تميز بحضور فريد، وموهبة موسوعية جمعت بين الكوميديا اللاذعة والحضور الاجتماعي والفكر المنتج. عشق الجمهور أداءه الطبيعي وتقمصه الشخصيات بدفء إنساني جعل كل أدواره قريبة من القلب، وجعل اسمه يتوهج في ذاكرة السينما والتلفزيون على مدى أكثر من ثلاثة عقود.

رحلة بدأت من الجيش المصري إلى مرابع الفن

ولد لطفي لبيب في محافظة بني سويف عام 1947، وتخرج في كلية الآداب قبل أن يلتحق بالخدمة العسكرية الإلزامية التي امتدت لست سنوات، كان خلالها شاهدًا ومشاركة في ملحمة نصر أكتوبر المجيدة عام 1973. وقد رسخت هذه التجربة الوطنية لديه قيم الانضباط والشغف بالوطن وقيم الشرف والعمل الجماعي. لم تقتصر مساهماته على ميادين القتال، بل واصل بعد ذلك مشواره باحثًا عن حبه الأول، فقرر دراسة التمثيل وتخرج من معهد الفنون المسرحية، لتبدأ مرحلة التألق الفني.

Web_Photo_Editor-6-42 وداعًا لطفي لبيب: مسيرة فنية وإنسانية حافلة يطويها الرحيل

أعمال أيقونية بصحبة عمالقة السينما والتلفزيون

امتدت المسيرة الفنية للراحل لأكثر من 100 عمل سينمائي و30 دورًا دراميًّا و20 مسرحية، وعمل مع كبار نجوم مصر والوطن العربي. عُرف عنه أداء الأدوار المركبة بحرفية لا تُضاهى، حتى أصبح علامة في تاريخ السينما المصرية الحديثة.
يبرز من أشهر أدواره شخصية السفير الإسرائيلي في الفيلم الشهير “السفارة في العمارة” أمام النجم عادل إمام، حيث قدم الشخصية بصدق وإتقان لفت أنظار الجمهور والنقاد. كما شارك مع الزعيم في أعمال ناجحة مثل “عفاريت عدلي علام” و”صاحب السعادة”، إضافة إلى ظهوره اللافت في أفلام “الباشا تلميذ”، و”التجربة الدنماركية”، و”زكي شان”، و”مرجان أحمد مرجان”، وصار رمزًا للقدرة على التنقل بين ألوان الدراما والكوميديا بسهولة وبراعة.

لم يكن لطفي لبيب مجرد ممثل مساند لنجوم جيله، بل كان سندًا وداعمًا للعديد من النجوم الشبان الذين ظهروا إلى جواره في بداياتهم مثل مي عز الدين، حسن حسني، محمد سعد، أحمد مكي وغيرهم، وشهدت أعماله تجسيد نماذج شعبية وإنسانية متنوعة.

لطفي لبيب المؤلف والكاتب: “الكتيبة 26” ورحلة حياة

لم يكتفِ لطفي لبيب بالحضور أمام الكاميرا أو على خشبة المسرح، بل امتدت موهبته إلى مجال الكتابة. كتب للفن والسياسة والخاطر، ومن أبرز أعماله الأدبية والفنية سيناريو “الكتيبة 26” الذي تناول فيه مشاهداته وتجربته كمقاتل في حرب أكتوبر المجيدة، موثقًا تفاصيل ست سنوات أمضاها في صفوف الجيش المصري، مقدّمًا شهادته على جيل كامل من الرجال والتضحيات. كما دفعه شغفه بالتعبير الخلاق إلى كتابة الخواطر والمقالات وبعض الأعمال الموجّهة للأطفال.

محطات أخيرة: آخر الأفلام والظهور الفني الحديث

رغم ابتعاده النسبي عن الشاشة في السنوات الأخيرة لأسباب صحية، ظل لطفي لبيب حريصًا على المشاركة الدورية كلما سنحت له الظروف. كان أحدث أعماله السينمائية فيلم “أنا وابن خالتي”، إلى جانب نخبة من النجوم مثل سيد رجب، بيومي فؤاد، هنادي مهنى، ميمى جمال، وسارة عبد الرحمن، والمطرب علي لوكا، وظهر كذلك مع إنعام سالوسة وانتصار وسليمان عيد كضيوف شرف. وقد أشرف على كتابة العمل دعاء عبد الوهاب وكان السيناريو والحوار لعمرو أبو زيد والإخراج لأحمد صالح.

إرث لا يموت وذكريات في قلوب الجمهور

يرحل لطفي لبيب، لكن ذاكرته ستظل محفورة بخط من ذهب في سجل الشاشات العربية، سيذكره الجمهور بضحكته الصافية وأدواره الواقعية وقدرته على إثارة الدهشة بدون تصنع أو استفزاز. وقد نعى العديد من النجوم والنقاد الفنان الراحل، مشيدين بمسيرته ونبله الإنساني وقيمته في نشر البهجة والفكر المستنير.

برحيله، يثبت لطفي لبيب أن الفنان الحقيقي لا يموت بذهابه بل يبقى بأثره العابر للزمن والأجيال، تعلّم منه جيل كامل فن الالتزام والبساطة والقفز بين الدراما والكوميديا بسلاسة، وسيظل اسمه منارة في تاريخ الفن المصري الحديث.

عارفًا بخصاله الصادقة وإبداعه الاستثنائي، يتعهد الوسط الفني وجمهوره بتخليد أدواره وإرثه حتى تبقى سيرته نموذجًا للموهبة الأصيلة والإرادة الإنسانية المتجاوزة لكافة المصاعب والصعوبات. وداعًا لطفي لبيب… سيبقى بيننا بابتسامته وجمال روحه وحضوره الإبداعي النادر.

 

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر

Share this content: