واشنطن وبكين تتفقان على “إطار هدنة” تجارية جديد… وخفض تدريجي للقيود والرسوم

أميركا والصين

واشنطن وبكين تتفقان على “إطار هدنة” تجارية جديد… وخفض تدريجي للقيود والرسوم

في تطور لافت على مسار العلاقات الاقتصادية المتوترة بين الولايات المتحدة والصين، أعلن مسؤولون من الجانبين، يوم الثلاثاء، التوصل إلى “إطار عمل مبدئي” لإعادة إحياء الهدنة التجارية، وتخفيف بعض القيود المفروضة على صادرات التقنيات والمعادن الحيوية. ومع ذلك، لم يتضمّن الاتفاق تفاصيل حاسمة حول حل النزاعات العالقة، ما يجعل الترقب سيد الموقف حتى إشعار آخر.

مفاوضات مكثفة في لندن تنتهي بـ”إطار فضفاض”

جاء الإعلان في ختام يومين من المحادثات رفيعة المستوى في العاصمة البريطانية لندن، حيث اجتمع وفدان تجاريان من واشنطن وبكين لمناقشة تنفيذ التفاهمات السابقة، ولا سيما اتفاق جنيف الذي وُقّع الشهر الماضي، لكنه سرعان ما تعثر بسبب استمرار القيود الصينية على صادرات المعادن الأرضية النادرة.

وقال وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، إن الجانبين اتفقا على “إطار عمل” من شأنه أن يمهّد الطريق نحو تنفيذ اتفاق جنيف، وتخفيف الرسوم الجمركية المتبادلة التي وصلت إلى معدلات تاريخية في السنوات الأخيرة.

وأضاف:

“الهدف من هذا الإطار هو العودة إلى مسار التفاهمات التي تمت بين الرئيسين، وإزالة بعض القيود الأميركية الأخيرة. لكن التنفيذ النهائي مرهون بموافقة كل من الرئيس دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ”.

قيود متبادلة… وضغوط داخلية

تعرّض اتفاق جنيف لضربة قوية عندما تمسكت الصين بقيودها على صادرات المعادن الحيوية، مما دفع إدارة ترامب إلى فرض ضوابط إضافية على صادرات التكنولوجيا الأميركية، بما في ذلك برامج تصميم أشباه الموصلات والمواد الكيميائية الدقيقة.

وفي ظل هذه الأجواء، يشير مراقبون إلى أن الهدنة الجديدة ليست سوى مرحلة مؤقتة، إذ لم تُعالج الأسباب الجذرية للخلافات، وعلى رأسها النموذج الاقتصادي الصيني المدفوع بسياسات الدولة، والتوسع الصناعي الصيني على حساب الشركات الأميركية.

وقال جوش ليبسكي، المدير التنفيذي لمركز الجغرافيا الاقتصادية بالمجلس الأطلسي:

“عاد الطرفان إلى المربع الأول، وهو أمر غير مثالي، لكنه أفضل من عدم وجود أساس إطلاقاً. ما نحتاجه الآن هو خارطة طريق واقعية”.

واشنطن-وبكين واشنطن وبكين تتفقان على "إطار هدنة" تجارية جديد... وخفض تدريجي للقيود والرسوم

الاتفاق الجديد: تأجيل لا إنهاء

وفي مؤتمر صحفي منفصل، أكّد لي تشنغ قانغ، نائب وزير التجارة الصيني، أن الجانبين “اتفقا من حيث المبدأ على إطار عمل لتنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها خلال المكالمة الهاتفية بين الرئيسين في 5 يونيو، بالإضافة إلى النقاط الواردة في اتفاق جنيف”.

ورغم أن الطرفين وصفا المحادثات بأنها “بناءة”، إلا أن غياب التفاصيل الدقيقة حول إزالة القيود أو آلية خفض الرسوم يعكس استمرار فجوة الثقة بين أكبر اقتصادين في العالم.

العد التنازلي حتى 10 أغسطس

بحسب مسؤولين أميركيين وصينيين، أمام الجانبين مهلة تنتهي في 10 أغسطس المقبل لإبرام اتفاق شامل يُنهي التوترات التجارية المستمرة منذ عام 2018، وإلا فإن التصعيد الجمركي سيُستأنف بقوة.

ووفقًا لمسودة الاتفاق، سترتفع الرسوم الأميركية من نحو 30% إلى 145%، فيما ستُصعد الصين من جانبها الرسوم على الواردات الأميركية من 10% إلى 125%، ما قد يشعل موجة جديدة من الحرب التجارية.

هل تنجح الدبلوماسية الاقتصادية مجددًا؟

في ضوء هذا السياق، يرى محللون أن إطار الهدنة الجديد لا يمثل نهاية الخلاف، بل محاولة لتفادي الأسوأ، ومنح الوقت لإعادة صياغة العلاقة التجارية بين العملاقين ضمن قواعد أكثر توازناً واستدامة.

لكن يبقى السؤال الأهم:
هل ستؤدي هذه الهدنة المؤقتة إلى بناء اتفاق دائم يعالج الملفات العالقة؟ أم أنها مجرد ترحيل للأزمة إلى موعد لاحق في ظل الحسابات السياسية والانتخابات القادمة في الولايات المتحدة؟

الأسابيع القادمة ستكون حاسمة، ليس فقط لمصير التبادل التجاري بين واشنطن وبكين، بل أيضاً لاستقرار الأسواق العالمية التي تراقب بدقة كل تطور في هذا الملف شديد الحساسية.

 

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر

Share this content: