نجوم مصريون مهددون بالطرد من منازلهم

نجوم مصريون مهددون بالطرد من منازلهم

نجوم مصريون مهددون بالطرد من منازلهم

قانون الإيجار القديم يشعل أزمة إنسانية وفنية

تشهد الأوساط الفنية والشعبية المصرية هذه الأيام أزمة متصاعدة بفعل قانون الإيجار القديم الجديد، الذي أعاد رسم خريطة العلاقة بين الملاك والمستأجرين، ليفتح جراحًا عميقة في ذاكرة الفنانين وجدران منازلهم القديمة، مثيراً مخاوف عملية الطرد وتشريد عدد من عمالقة ونجوم الفن المصري.

تعديل الإيجار القديم… نهاية ذكريات وعصور فنية؟

مع إقرار التعديلات الأخيرة على قانون الإيجار القديم في مصر، بات مئات الآلاف من الأسر -بينهم كثير من مشاهير الفن- أمام واقع جديد يهدد باستقرارهم وذكرياتهم، إذ ألزم القانون المستأجر بسداد أضعاف القيمة الإيجارية التي اعتاد عليها، وفرض عليه أو على ورثته إخلاء الوحدة السكنية وإعادتها للمالك خلال فترة انتقالية حددت بسبع سنوات، تمهيدًا لتحرير العلاقة الإيجارية بالكامل.

ينص القانون الجديد على أنه في حال امتناع المستأجر عن تسليم العقار، يحق للمالك اللجوء للقضاء لاستصدار أمر بالطرد الفوري، إضافة إلى إمكانية حصوله على تعويض إذا استدعى الأمر، مع استمرار الجدل حول ما إذا كان التعويض عادلاً أو كفيلاً بضمان كرامة المستأجرين القدامى، وبالأخص فئة الفنانين وكبار السن أصحاب الدخل المحدود.

فنانات يتصدرن المشهد: حكايات نادية رشاد ونبيلة عبيد

من أبرز الضحايا الفنانة القديرة نادية رشاد، التي عبّرت عن صدمتها بهذا القانون، موضحة أنها تعيش منذ عقود في شقة استأجرتها بعقد إيجار قديم، أنفقت عليها كل ما تملك، وأصبحت جزءًا من هويتها وتاريخها كما حملت ذكرياتها مع رحيل العمر. صرحت نادية بحزن: “لا أتصور أنني قد أُطرد بعد كل هذه السنوات، خصوصًا وأنا كبيرة في السن وأعاني من أمراض الشيخوخة ولا يوجد لديّ مأوى أو مورد آخر يمنحني حق العيش الكريم”. ناشدت رشاد المسؤولين أن ينظروا بعين الاعتبار للحالات الإنسانية وكبار السن والفنانين الذين لا يملكون بدائل.

Web_Photo_Editor-6-11 نجوم مصريون مهددون بالطرد من منازلهم

أما النجمة السينمائية نبيلة عبيد، فحكت عن مخاوفها بعدما ورثت شقة والدتها بحي المهندسين، تلك الشقة التي شهدت أهم محطات مسيرتها المهنية، وكانت ملتقى المخرجين والمنتجين وأيقونة نجاحاتها الفنية. صرحت بقلق أنها فوجئت بصدور القانون، وتشعر بالخوف من فقدان بيتها الذي يحتضن مقتنياتها النادرة وذكرياتها، رغم أنها لا تمانع رفع الإيجار إذا طلب المالك، لكنها تريد ضمان الحق في الإقامة حتى آخر العمر.

Web_Photo_Editor-3-7 نجوم مصريون مهددون بالطرد من منازلهم

فنانين آخرين يواجهون المصير نفسه

الفنان أحمد نبيل كتب منشورًا مؤثرًا عبر منصات التواصل عبر فيه عن حزنه: “يعز عليّ أن يصدر قانون يطردني من الشقة التي أسست فيها حياتي بعرق السنين… كيف أخرج بعد خمسين سنة من العيش والاستقرار؟”. بينما الفنان أحمد الحلواني قال إنه يقيم في منطقة الدرب الأحمر الشعبية بالقاهرة منذ أكثر من 23 عاماً، حاول التفاهم مع مالك العقار سواء بزيادة الإيجار أو دفع مبلغ إضافي لكنه قوبل بالرفض، ليجد نفسه مجبرًا على الخروج خلال سبع سنوات قادمة دون وجود بديل آمن.

Web_Photo_Editor-8-6 نجوم مصريون مهددون بالطرد من منازلهم

صراع بين الملاك والمستأجرين: بين الإنصاف والمعاناة

جدل القانون لم يتوقف عند حدود الفنانين، بل امتد ليشمل كافة المصريين، حيث يرى الملاّك أن القانون الجديد أنصفهم أخيراً بعد عقود من تثبيت قيمة الإيجار عند أرقام زهيدة لا تُناسب غلاء المعيشة وصيانة العقارات. أما أغلب المستأجرين من الطبقة المتوسطة والبسيطة، فيرون أن القانون جاء قاسيًا وظالمًا، دون مراعاة للأبعاد الإنسانية أو الاجتماعية التي رافقت عشرات السنين من الاستقرار الأسري والمهني، خاصة لكبار السن والفنانين ممن لا يملكون مصادر دخل أخرى أو بيوت بديلة.

تؤكد وقائع الحالات النموذجية التي شاركها الفنانون أن الأزمة لا تتعلق فقط بأرقام أو أوراق قانونية، بل ترتبط بحقوق تاريخية وذكريات، وبمنازل صنعت فيها ذاكرة الفن المصري الحديث، تحوّلت جدرانها لأرشيف حي يؤرخ لمسيرات الوجوه الأكثر شهرة في الدراما والسينما المصرية.

مستقبل ضبابي… مبادرات مرتقبة أم وداع لذكريات البيوت العتيقة؟

وسط حالة القلق والترقب، يطالب فنانون ونشطاء بطرح مبادرات حكومية أو مجتمعية تضمن حق البقاء الإنساني للفئات الأكثر هشاشة، وخصوصاً الفنانين ممن صنعوا جزءًا من ضمير مصر وروحها عبر عقود من الإبداع، مشددين على أهمية معالجة الملف بمنظور إنساني لا يقف عند الحروف الجامدة للنص القانوني.

ويبقى السؤال المحوري يتردد في الشارع المصري: هل سنشهد خلال السنوات السبع المقبلة وداعاً للعديد من علامات الفن وهم يغادرون منازلهم القديمة؟ أم يتحرك المجتمع لإنقاذ ما تبقى من دفء فنانيه العظماء وحفظ كرامتهم، بعيداً عن هواجس الطرد والفقد؟ في كل الأحوال، تبقى القضية مفتوحة والنقاش مستمراً حول العدالة الاجتماعية وحقوق الإبداع والذاكرة والعمر في مصر الجديدة.

 

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر

Share this content: