نتنياهو يجاهر بـ”إسرائيل الكبرى” والعرب يتصدون للتهديد
تصريحات نتنياهو التوسعية تفجر إدانات عربية رسمية وتكشف أبعاد المخطط التاريخي لتغيير خريطة الشرق الأوسط
في تصعيد جديد يكشف عن تحول خطير في الخطاب السياسي الإسرائيلي، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، جهارًا دعمه لما يُعرف بـ”رؤية إسرائيل الكبرى”، مؤكدًا خلال مقابلة تلفزيونية أنه يعيش “مهمة تاريخية وروحانية” يسلّمها جيل بعد جيل، في سياق ما وصفه بـ”الوصية الكبرى” للشعب اليهودي. جاءت تصريحاته بينما كان يتسلم خريطة لإسرائيل تشمل أجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا ومصر، مؤكدًا “تأييده الشديد لها”، في رسالة اعتبرها المراقبون تحديًا وقحًا للقانون الدولي وسيادة الدول العربية المجاورة.
مضمون التصريحات وأبعادها التوسعية
في المقابلة التي أثارت ضجة واسعة، تحدث نتنياهو بوضوح عن حلمه بـ”إسرائيل الكبرى”، معتبرًا أن مشروعه يتجاوز حدود غزة والضفة الغربية ليطال أجزاء من الدول العربية المجاورة، مروجًا لأفكار دينية متطرفة تقوم على تجاوز كل الأعراف الدولية والاتفاقيات التاريخية. وأضاف أنه يرى نفسه في مهمة مقدسة لترجمة هذا “الحلم التاريخي” إلى واقع ملموس، على الرغم من كونه متهمًا بارتكاب جرائم حرب ومتورطًا في ملفات لدى المحكمة الجنائية الدولية.
يشير المراقبون إلى أن مفهوم “إسرائيل الكبرى” ليس جديدًا في مشهد السياسة الإسرائيلية، لكنه هذه المرة ظهر بأسلوب أكثر استفزازية وتجردًا من الدبلوماسية، ليعكس حجم الأطماع الاستعمارية التي تغذيها قوى اليمين المتطرف في إسرائيل. وتضمنت الخرائط المعلنة مناطق واسعة من فلسطين والأردن وجنوب لبنان ومرتفعات الجولان السورية وسيناء المصرية.
ردود فعل عربية غاضبة ورفض إقليمي واسع
لم تمر تصريحات نتنياهو دون رد، إذ سارعت الدول العربية إلى إصدار إدانات قوية، وعلى رأسها الأردن الذي وصف التصريحات بأنها “تصعيد خطير وتهديد مباشر لسيادة الدول العربية، إضافة إلى مخالفتها الفاضحة لمبادئ الشرعية الدولية”. كما أعادت السعودية تأكيد رفضها المطلق لأي مشاريع توسعية إسرائيلية تمس الأمن والاستقرار في المنطقة. ونددت قطر بتصاعد الخطاب الإسرائيلي، معتبرة أن ما قاله نتنياهو امتداد لنهج الغطرسة ومحاولة لتشريع الاستيطان وتهجير الفلسطينيين.
في السياق ذاته، نبّهت التحليلات السياسية إلى خطورة هذا التصعيد خصوصًا مع استمرار الحرب في غزة، والتأكيد الإسرائيلي المتكرر على ضرورة تهجير سكان القطاع. وأكد مراقبون أن إعلان نتنياهو جاء في توقيت حرج يشهد ضغطًا دوليًا متزايدًا على إسرائيل بسبب المجازر والسياسات الاستيطانية، في محاولة منه لتبرير الانتهاكات المتكررة باعتبارها جزءًا من “خطة تاريخية” تستند إلى نصوص وشعارات متطرفة.
استراتيجية الاحتلال: من الأحلام الدينية إلى وقائع التهجّير
يحاول نتنياهو ربط مشروع “إسرائيل الكبرى” بالأبعاد الدينية العميقة، معيدًا إلى الأذهان شعارات “من النيل إلى الفرات” التي طالما أثارت الذعر في المنطقة. ويستفيد في ذلك من الغطاء الأمريكي والدعم الغربي غير المشروط، وسط تحذيرات من فرض وقائع جيوسياسية على الأرض بدعم من قوى إقليمية ودولية متورطة في رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط تقوم على تفكيك الدول وإضعاف الكيانات العربية.
وتؤكد التحذيرات العربية أن المضي بهذا النهج لا يهدد فقط فلسطين ومستقبل القضية، بل يفتح جراحًا تاريخية في سوريا ولبنان ومصر والأردن، ويحوّل الصراع من مجرد نزاعات حدودية إلى مشروع استيطان شامل وتطهير عرقي قد يمتد طويلًا في قلب منطقة يعيش ملايين العرب على أرضها منذ آلاف السنين.
دعوات لتوحيد الصف العربي والتصدي الفاعل
يرى مراقبون أن التصعيد الأخير يجب أن يكون جرس إنذار للأنظمة العربية، ويدعو إلى بناء موقف موحد وفعال قادر على إحباط هذه المخططات الاستيطانية وإيقاف مسلسل التهجير والاعتداءات على الأراضي العربية. ويركز المحللون على أهمية التحرك في المحافل الدولية، وتفعيل أدوات الردع السياسية والقانونية، والعمل على توحيد الموقف الشعبي والرسمي إزاء التهديدات المتنامية التي أصبحت علنية وصريحة.
وفي هذا السياق، تعول العواصم العربية كثيرًا على صحوة سياسية تواكب هذه “الموجة التوسعية” الإسرائيلية، حيث بات السكوت على مثل هذه التصريحات تواطؤًا مع مسلسل سرقة الأرض وتهويد المقدسات، وفق تعبير أكثر من مسؤول ومحلل استراتيجي.
ختام: بين مشروع إسرائيل الكبرى وصمود الإرادة العربية
تبقى تصريحات نتنياهو الأخيرة عنوانًا لمرحلة خطيرة ترسم فيها تل أبيب ملامح خارطة جديدة للمنطقة على حساب العرب، في ظل وجود مقاومة عربية رسمية وشعبية تتحدى هذا المشروع الاستعماري. وبين خطاب الأحلام التاريخية لدى اليمين الإسرائيلي وغضب الرأي العام العربي، يقف الشرق الأوسط أمام اختبار مصيري لمستقبل هويته وحدوده وأمنه القومي.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: