نتنياهو وحرب الشرق الأوسط الجديدة
تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة، التي قال فيها: “سنرى شرق أوسط مختلفًا لم نره من قبل”، لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل تعكس استراتيجية إسرائيلية عميقة تسعى إلى إعادة تشكيل المشهد الإقليمي عبر مواجهة شاملة مع إيران، وتوسيع نطاق الصراع ليشمل المنطقة بأسرها. يأتي هذا التصريح في ظل العدوان الإسرائيلي على إيران الذي بدأ في 13 يونيو 2025، وسط تصاعد التوترات الإقليمية التي تثير مخاوف دولية واسعة.
في هذا المقال، نستعرض رؤية نتنياهو الاستراتيجية، محاور التغيير التي تسعى إسرائيل لتحقيقها، وردود الفعل الإقليمية والدولية.
نتنياهو: حرب مع إيران وعين على الشرق الأوسط بأكمله
لم تعد تصريحات نتنياهو تقتصر على المواجهة المباشرة مع إيران فقط، بل باتت تتضمن رؤية شاملة لتغيير جذري في الشرق الأوسط. فقد كرر نتنياهو في عدة مناسبات خلال الأشهر الماضية تأكيده على أن إسرائيل تسعى إلى “تغيير الواقع الاستراتيجي” في المنطقة، معتبراً أن هذا التغيير يشمل مواجهة المقاومة في غزة، حزب الله في لبنان، وإيران.
أبرز تصريحات نتنياهو في الفترة الأخيرة:
-
30 سبتمبر 2024: “إسرائيل تتبع خطة منهجية لاغتيال قادة حزب الله بهدف تغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط.”
-
31 أكتوبر 2024: “إسرائيل تقوم بتغيير وجه الشرق الأوسط، ونحن في عين العاصفة.”
-
6 يناير 2025: “نحن في مرحلة تغيير أساسي في الشرق الأوسط.”
-
2 فبراير 2025: “التعاون مع إدارة ترامب سيعزز أمن إسرائيل ويغير الشرق الأوسط.”
-
7 مايو 2025: “المهمة ليست فقط هزيمة حماس، بل تغيير وجه الشرق الأوسط.”
هذه التصريحات المتكررة تؤكد أن إسرائيل تحت قيادة نتنياهو لا تسعى فقط إلى تحقيق انتصارات عسكرية مؤقتة، بل إلى إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة بشكل شامل.
محاور التغيير التي تسعى إسرائيل لتحقيقها
يمكن تلخيص الأهداف الاستراتيجية التي يسعى نتنياهو لتحقيقها في الشرق الأوسط في عدة محاور رئيسية:
1. القضاء على فكرة المقاومة
تسعى إسرائيل إلى تحجيم أو القضاء على حركات المقاومة المسلحة في المنطقة، سواء في غزة أو لبنان أو إيران، بهدف إضعاف أي تهديد مباشر لأمنها.
2. ضمان التفوق العسكري
تعتمد إسرائيل على دعم الحلفاء الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، لتعزيز تفوقها العسكري والتكنولوجي، ما يضمن لها القدرة على الردع الاستراتيجي ضد أي تهديد.
3. تحجيم القوى الكبرى المعادية
تسعى إسرائيل إلى تقليل نفوذ القوى الإقليمية الكبرى التي تعاديها، خصوصاً إيران، والتي تمثل تهديداً مباشراً لوجودها.
4. القضاء على البرنامج النووي الإيراني
يعتبر نتنياهو البرنامج النووي الإيراني الخطر الأكبر، ويسعى إلى تدميره لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
5. نشر ثقافة التطبيع
تعمل إسرائيل على تعزيز علاقاتها مع دول عربية وإسلامية، بهدف توسيع دائرة التطبيع وخلق تحالفات استراتيجية جديدة تدعم مصالحها.
هل تصريحات نتنياهو جدية وخطيرة؟
تكرار هذه التصريحات على لسان أحد أقوى زعماء إسرائيل عبر تاريخها، يجعل من الصعب تجاهل جدية هذه الرؤية. فنتنياهو لا يتحدث عن مستقبل بعيد، بل عن واقع يتشكل بالفعل على الأرض، مع تصاعد العمليات العسكرية في فلسطين ولبنان وإيران.
كما أن هذه التصريحات تأتي في سياق تحركات دبلوماسية وعسكرية مكثفة، ما يعكس استعداد إسرائيل لخوض مواجهة شاملة قد تغير موازين القوى في الشرق الأوسط.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أثارت التصريحات والعمليات العسكرية الإسرائيلية موجة من الإدانات والقلق في دول المنطقة، التي اعتبرت هذه التحركات تهديداً لأمنها واستقرارها.
مواقف دول الخليج:
-
مجلس التعاون الخليجي: أدان العدوان الإسرائيلي واعتبره انتهاكاً للقانون الدولي، مؤكداً ضرورة الحوار لحل الخلافات.
-
قطر: استنكرت الهجوم الإسرائيلي على إيران واعتبرته تصعيداً خطيراً يهدد الأمن الإقليمي.
-
السعودية: عبرت عن رفضها لاستخدام القوة في حل النزاعات، ودعت إلى الحوار.
-
الإمارات: حذرت من خطوات غير محسوبة قد تؤدي إلى تصعيد الأوضاع.
مواقف دول أخرى:
-
تركيا: وصف الرئيس أردوغان إسرائيل بأنها التهديد الأكبر لأمن المنطقة، وانتقد استخدام السلاح النووي الإسرائيلي.
-
مصر: حذرت من خطورة انزلاق المنطقة إلى فوضى شاملة.
-
باكستان: أعلنت تضامنها الكامل مع إيران ودعت إلى وحدة العالم الإسلامي في مواجهة إسرائيل.
تصريحات بارزة:
-
عمرو موسى: دعا إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي المصري، محذراً من تهديدات خطيرة للأمن الإقليمي بسبب الحرب الجارية بين إسرائيل وإيران.
الخلاصة: الشرق الأوسط على مفترق طرق
تصريحات نتنياهو وحملته العسكرية ضد إيران وحركات المقاومة في المنطقة تعكس استراتيجية إسرائيلية تسعى إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط بشكل جذري. هذه الرؤية تحمل في طياتها مخاطر تصعيدية كبيرة قد تؤدي إلى توترات متزايدة، وربما صراعات أوسع، ما يجعل المنطقة على مفترق طرق حاسم بين الاستقرار والتوتر.
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح الجهود الدبلوماسية في احتواء التصعيد، أم أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من الصراعات التي قد تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط بأكملها؟
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: