منظمة الصحة العالمية: غزة في قبضة أزمة تغذية كارثية… وتزايد وفيات الأطفال في يوليو

منظمة الصحة العالمية: غزة في قبضة أزمة تغذية كارثية... وتزايد وفيات الأطفال في يوليو

منظمة الصحة العالمية: غزة في قبضة أزمة تغذية كارثية… وتزايد وفيات الأطفال في يوليو

حذّرت منظمة الصحة العالمية في تقرير مؤلم من أن سوء التغذية في قطاع غزة بلغ مستويات كارثية تهدد حياة آلاف الأطفال والنساء، مشيرة إلى أن أزمة المجاعة في غزة لم تعد مجرد أرقامٍ إحصائية، بل أصبحت مأساة إنسانية تتصاعد يومًا بعد يوم مع تصاعد الحصار ومنع تدفق المساعدات الغذائية والطبية إلى السكان المنهكين من الحرب والحرمان.

أرقام قاتمة: يوليو يسجل أكبر عدد وفيات الجوع منذ بدء الحرب

أبرزت بيانات المنظمة أن شهر يوليو وحده شهد قفزة مرعبة في عدد ضحايا الجوع وسوء التغذية، حيث تم تسجيل 63 حالة وفاة مرتبطة بسوء التغذية في هذا الشهر فقط من أصل 74 حالة وفاة في 2025، مما يعني أن 85% من الحالات وقعت خلال الأسابيع الأخيرة. وتوزعت وفيات يوليو بين 24 طفلًا دون سن الخامسة، وحالة لطفل فوق الخامسة، و38 من البالغين، وغالبًا ما تم الإعلان عن وفاة الضحايا عند وصولهم إلى المستشفيات أو بعد ساعات قليلة، مع ظهور علامات الهزال الشديد عليهم.

وأضاف التقرير: “هذه الأرواح كان من الممكن حمايتها وإنقاذها، لولا المنع المتعمد والتأخير الكبير في وصول المساعدات الطارئة.” أوضحت المنظمة أن منع دخول الغذاء والدواء تسبب في تفاقم الكارثة وزاد من عدد الوفيات اليومية في مختلف مناطق قطاع غزة المحاصر، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية والعنف والفوضى على المعابر الحدودية.

“طفل من كل خمسة” يعاني سوء التغذية الحاد في مدينة غزة

كشفت منظمة الصحة العالمية نقلاً عن مجموعة التغذية العالمية أن واحدًا من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة في مدينة غزة اليوم يعاني حالة سوء تغذية حاد تهدد حياته وتعرّض تطوره الصحي للخطر. ورغم سوداوية البيانات الرسمية، رجحت المنظمة أن الأعداد الحقيقية أعلى بكثير بسبب استحالة وصول بعض الأسر للمرافق الصحية نتيجة القيود الأمنية وتعطل الطرق وانتشار الفوضى.

وليس الأطفال وحدهم من يدفعون ثمن الحصار، إذ تشير بيانات المجموعة إلى أن أكثر من 40% من النساء الحوامل والمرضعات في القطاع يعانين من سوء التغذية الحاد، الأمر الذي يهدد سلامتهن وسلامة الأجيال القادمة، ويعرض آلاف الرضع لأخطار صحية لا تحمد عقباها.

Web_Photo_Editor-6-37 منظمة الصحة العالمية: غزة في قبضة أزمة تغذية كارثية... وتزايد وفيات الأطفال في يوليو

مراكز العلاج عاجزة أمام الانهيار الصحي المتسارع

قالت المنظمة إن الأزمة الصحية لا تقتصر فقط على انتشار المجاعة، بل تشمل اضطرار آلاف الأسر للمجازفة بحياتها خلال محاولات البحث عن الطعام. وكشفت الأرقام أن أكثر من 5,000 طفل دون سن الخامسة تلقوا علاجًا من سوء التغذية خلال أول أسبوعين من يوليو، كان بينهم 18% يعانون من أخطر أنواع سوء التغذية الحاد الشديد. وفي شهر يونيو الماضي وحده، تم علاج 6,500 طفل، وهو أعلى رقم منذ بدأت الكارثة مع اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.

وفي دلالة على تصاعد الأزمة، تم إدخال 73 طفلًا إضافيًا إلى مستشفيات غزة في يوليو بسبب سوء التغذية الحاد ومضاعفاته، مقارنة بـ39 طفلًا فقط في الشهر السابق. وتعمل أربعة مراكز متخصصة لعلاج سوء التغذية في غزة الآن فوق طاقتها القصوى، وتجد صعوبة في استقبال الأعداد المتزايدة من الأطفال المصابين، وسط نقص حاد في المستلزمات والأدوية والموارد الطبية.

الجوع يقتُل… والبحث عن الطعام مخاطرة قاتلة

أكدت منظمة الصحة العالمية أن “الموت ليس الجوع وحده، بل أيضًا البحث اليائس عن الطعام”، متحدثة عن عائلات بأكملها تواجه خطر الاعتداءات أو السقوط ضحية الفوضى أثناء محاولتها الوصول لنقاط توزيع المساعدات المحدودة. وقالت المنظمة في بيانها: “إن التعب والإرهاق والخوف ينهش جسد الأطفال والنساء في القطاع. كثير من الحالات تودع الحياة عند بوابة المستشفى، دون أن يُكتب لها فرصة البقاء”.

وأشارت إلى أن استمرار منع وصول المساعدات الإنسانية والغذائية بشكل منهجي يمثل جريمة ترتكب على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، مطالبة بضرورة التدخل العاجل لإعادة فتح المعابر والسماح بتدفق الأغذية والأدوية بدون قيود لحماية حياة المدنيين ومنع المزيد من الانهيار.

Web_Photo_Editor-8-21 منظمة الصحة العالمية: غزة في قبضة أزمة تغذية كارثية... وتزايد وفيات الأطفال في يوليو

هيكل المنظومة الصحية والغذائية على حافة الانهيار

لفت تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن البنية الصحية والغذائية في غزة وصلت إلى حد الانهيار الكامل، مع نفاد الإمدادات الطبية وغياب الأمن للمرضى ومقدمي الخدمة على حد سواء، ما يضاعف من معاناة من يحتاجون للعلاج من سوء التغذية، خصوصاً في المناطق الأكثر حصارًا وعزلة.

وتقول المنظمة: “ليس الوقت متاحًا لمزيد من الانتظار أو النقاش. استمرار هذه الأزمة هو مأساة يمكن تجنبها بالكامل إذا قرر المجتمع الدولي التحرك بحسم وضمان تدفق المساعدات بشكل مستدام ودون عوائق”. وتوشك غزة أن تدخل مرحلة المجاعة الكاملة حال بقاء الوضع كما هو، ما يهدد بفقدان مئات الأرواح الجديدة شهريًا بين الأطفال والنساء وكبار السن.

نداء عاجل قبل فوات الأوان

في النهاية، تؤكد منظمة الصحة العالمية أن “إنقاذ أرواح المدنيين في غزة ليس حلمًا مستحيلاً، لكنه ممكن بشرط أن تتوافر الإرادة السياسية الدولية، وأن تنتهي سياسة المنع والعزل فورًا”، محذرة من أن الصمت العالمي قد يحوّل القطاع إلى منطقة من الموت الجماعي لا تُغفر في ضمائر الإنسانية.

هكذا تبقى غزة اليوم في قلب أزمة سوء التغذية الأسوأ منذ عقود، ويظل المشهد متصدراً لتقارير منظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية كنموذج مرير لما يمكن أن تفعله الحروب والحصار بحق الأطفال والشعوب إذا اختفى التدخل الدولي العاجل الفعّال.

 

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر

Share this content: