مقتل جمال خاشقجي: من إسطنبول إلى القضاء السعودي… ملف لم يُغلق بعد
تفاصيل الجريمة والمحاكمات بين تركيا والسعودية وأبرز ردود الفعل الدولية.
في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018، دخل الصحفي السعودي جمال خاشقجي إلى قنصلية بلاده في إسطنبول ولم يغادرها حيّاً. بهذا الحدث، طفت على السطح واحدة من أعقد وأخطر قضايا الاغتيال السياسي في القرن الحادي والعشرين، والتي ما زال صداها يتردد بقوة في الأوساط الحقوقية والإعلامية والدبلوماسية حتى اليوم.
تفاصيل اختفاء وتحقيقات متضاربة
دخل خاشقجي مبنى القنصلية بهدف استكمال أوراق رسمية استعدادًا لزواجه من الباحثة التركية خديجة جنكيز، التي انتظرته خارجًا لساعات دون جدوى. بعد أيام، تسارعت التكهنات حول مصيره، ومنذ اللحظات الأولى اتجهت أصابع الاتهام التركية إلى فريق سعودي وصل خصيصاً يوم الحادثة وخرج من تركيا بعد ساعات فقط.
جاءت ردود السعودية بداية بالنفي التام للمسؤولية، ثم ببيانات متغيرة انتهت بالاعتراف بأن خاشقجي توفي في “عملية مارقة” داخل القنصلية بعد شجار تطور إلى جريمة قتل.
من تحقيقات أنقرة إلى القضاء السعودي
خلال الأشهر التالية، طالب المدعي العام التركي بتسليم قائمة من المتهمين السعوديين بمحاكمة عادلة في تركيا، بينما رفضت السعودية كل مطالبات التسليم، وأصرت على نقل القضية إلى محاكمها الخاصة، وفي أبريل 2022 وافق القضاء التركي – في ظل تحسن العلاقات بين أنقرة والرياض – على إحالة الملف بالكامل ونقل محاكمة المتهمين الـ26 إلى السعودية، مغلقًا التحقيقات التركية رَسمياً.
مسار المحاكمة والأحكام والانتقادات
خضعت أطراف من الفريق الأمني السعودي لمحاكمة في الرياض جرت خلف أبواب مغلقة وأثارت انتقادات حقوقية واسعة لنقص الشفافية وإبعاد شخصيات بارزة عن الإدانة. وصدر في البداية حكمٌ بالإعدام على خمسة أشخاص (خُفّف لاحقًا إلى السجن المؤبد)، بينما أُدين ثلاثة وسُجنوا، وأعلن براءة البقية، في حين لم تُمَس الشخصيات السياسية أو القيادية الكبرى. أدانت منظمات أممية مثل الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية كبرى طريقة المحاكمة، ووصفتها بأنها “نقيض العدالة” وأن القادة الحقيقيين أفلتوا من العقاب.
الضغوط الدولية وملفات الجريمة المفتوحة
تقرير الأمم المتحدة بقيادة أغنيس كالامار قال إن “هناك أدلة موثوقة تستدعي التحقيق مع أعلى مستويات السلطة السعودية”. وطالبت العديد من الحكومات الغربية بعقوبات وتحقيقات إضافية، وسط عقوبات أوروبية وأمريكية شملت 18 شخصًا، دون المس بولي العهد السعودي. لم يكشف حتى اليوم عن مصير رفات خاشقجي، وبقيت أسئلة خطيبته خديجة جنكيز وبقية عائلته دون إجابة.
إرث خاشقجي يستعصي على النسيان
برز جمال خاشقجي كواحد من أبرز الصحفيين السعوديين في التسعينيات والعقدين الأخيرين من خلال تغطيته لمناطق النزاع وكتاباته الناقدة لسياسات بلاده، مما جعله صوتًا مهمًا في عالم الإعلام العربي والدولي. وعلى الرغم من المحاولات المتكررة لإغلاق القضية، فإن ذكرى خاشقجي ودعوات العدالة والشفافية لم تَخفت، بل صارت رمزًا عالميًا لمكافحة الإفلات من العقاب والدفاع عن حرية الرأي والصحافة في العالم العربي.
وفي الذكرى السابعة للجريمة، تظل قضية خاشقجي تذكر العالم بأن جريمة القنصلية ليست مجرد حادثة عابرة، بل عنوان لعصر جديد من المواجهة بين من يطلبون العدالة والشفافية، ومن يسعون لإخفاء الحقيقة تحت ثقل المصالح السياسية والدبلوماسية.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: