مفاوضات سوريا وإسرائيل تدخل “مرحلة حاسمة”: اتفاق أمني وشيك دون تطبيع
الشرع: نتائج خلال أيام وتوافق حول وقف التصعيد وانسحاب جزئي وسط ضغوط أميركية وملف الجولان مؤجل
في تطور هو الأول من نوعه منذ عقود، توقع الرئيس السوري أحمد الشرع أن تُسفر المفاوضات الجارية بين سوريا وإسرائيل عن نتائج خلال أيام قريبة، في إطار اتفاق أمني يجري برعاية أميركية، هدفه الرئيسي وقف التصعيد العسكري وضبط الحدود وإعادة فتح مسارات الحوار بين الطرفين. وبينما يغيب ملف التطبيع والسلام الشامل عن الطاولة، يتمحور النقاش حول قضايا السيادة السورية، الانسحابات العسكرية، وضمان أمن المنطقة عبر رقابة أممية مع تشابه بنود الاتفاق مع اتفاقية “فض الاشتباك” لعام 1974.
بنود الاتفاق الأمني المتوقع: ضبط ساحة الجنوب
أكد الرئيس السوري، في تصريحات نُقلت عن قمة دمشق، أن الاتفاق الأمني سيشترط احترام وحدة الأراضي والمجال الجوي السوري، ويخضع لمراقبة الأمم المتحدة عبر إعادة انتشار قوات فض الاشتباك (أندوف) في المنطقة العازلة بين الجانبين. تسعى دمشق إلى استعادة السيطرة على الأراضي التي توغلت فيها إسرائيل منذ ديسمبر الماضي، بينما تطالب تل أبيب بالحفاظ على مواقع ستراتيجية، خصوصاً جبل الشيخ، ورفض أي تواجد عسكري سوري ثقيل جنوب البلاد. وزير الخارجية السوري أوضح أن المفاوضات تركز على جزئية وقف الغارات الإسرائيلية وانسحاب القوات مع حظر نشر أسلحة كبرى وبناء ممرات إنسانية للنازحين.
ضغوط أميركية وحراك دولي مكثف
تأتي المفاوضات في ظل ضغط أميركي مباشر من أجل إحراز تقدم قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث يأمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحقيق “إنجاز دبلوماسي جديد” في ملف السلام الإقليمي. ورغم نفي الشرع وجود ضغوط فعلية، وصف الدور الأميركي بأنه وساطة نشطة تقودها واشنطن لضمان وحدة الأراضي السورية واستقرار المنطقة، مع التلويح برفع جزئي للعقوبات الاقتصادية في حال تنفيذ الاتفاق الأمني وتبريد بؤر التوتر جنوب البلاد.
عقبات وخلافات حول الجيش وصفقة الجولان
تكشف مصادر دبلوماسية من دمشق وتل أبيب أن إسرائيل ترفض بشكل قاطع إعادة بناء جيش سوري قوي جنوب البلاد، وترحب فقط بوجود شرطة محلية قوية وأمن داخلي مدني غير مسلح بأسلحة استراتيجية. أما قضية هضبة الجولان فتظل مؤجلة إلى إشعار آخر؛ فإسرائيل ترفض مناقشة مصير الجولان في هذه المرحلة، وتصر على الاحتفاظ بالسيطرة، مستندة إلى اعتراف أميركي سابق بموجب إدارة ترامب. الشرع يؤكد أن أي اتفاق سياسي أو تطبيع مستقبلي سيبقى مرهونًا بحل شامل لهذا الملف.
نموذج اتفاقية 1974 والتقسيم المرحلي
يأتي الاتفاق المزمع في إطار تجربة اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974؛ لينطلق من أساس الخط الحدودي القديم وحظر الأسلحة الثقيلة ونزع السلاح ضمن نطاق مراقبة الأمم المتحدة. تغلب على المحادثات الروح “البراغماتية”، بحيث يجري تقسيم الاتفاق إلى مراحل متدرجة وليس صفقة شاملة دفعة واحدة، مع منح سوريا “جائزة ترضية” عبر تخفيف العقوبات مقابل الالتزام الأمني.
السويداء في قلب التسويات والنزاع الداخلي
برز ملف السويداء والتوترات الداخلية بين الدروز والبدو كعامل معرقل لتقدم المفاوضات في يوليو الماضي، حيث انتشرت القوات السورية لمنع الانفصال، بينما نفذت إسرائيل ضربات انتقامية استهدفت دمشق ومرافق حكومية حساسة قرب القصر الرئاسي في رسالة وصفتها القيادة السورية بأنها “إعلان حرب”، لكن دمشق امتنعت عن الرد عسكرياً حفاظًا على سير المفاوضات.
مستقبل العلاقة: اتفاق عسكري لا يرتقي لمستوى سلام
يبدو أن نتائج المفاوضات لن ترتقي إلى مستوى معاهدة سلام أو تطبيع مثل الاتفاقات الإبراهيمية الأخيرة، لأن كلا الطرفين يتجنب حتى الآن مواضيع التسوية النهائية وملف الجولان الحساس. ويجمع مراقبون على أن الاتفاق المرتقب سيكرس فقط إدارة التوتر وتهدئة جبهة الجنوب ووضع إطار أممي للمراقبة الأمنية، دون فتح الباب أمام حوار سياسي شامل أو اعتراف متبادل.
تعيش المنطقة لحظة حاسمة في العلاقة بين دمشق وتل أبيب. إن اتفاقًا أمنيًا سيحقق تهدئة جزئية لكنه لن يُنهي جذور النزاع التاريخي، لينتظر ملف التطبيع والسلام مرحلة لاحقة ستخضع لمعادلات إقليمية ودولية أكثر تعقيدًا.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: