لماذا أعاد ترامب تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب؟

لماذا أعاد ترامب تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب؟

لماذا أعاد ترامب تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب؟

دوافع سياسية ورسائل رمزية ونزعة هجومية تثير الجدل داخليًا ودوليًا

في خطوة فاجأت الأوساط السياسية والعسكرية الأمريكية والعالمية، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بتغيير اسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إلى “وزارة الحرب” للمرة الأولى منذ أكثر من سبعة عقود. القرار الذي أعلن رسميًا في البيت الأبيض، جاء ليعيد اسم الوزارة الذي كان قائمًا حتى عام 1947، وسط تصريحات رنانة من ترامب ومسؤولين في إدارته بأن الإجراء يحمل في طياته رسالة “نصر وقوة” ويهدف إلى ترسيخ صورة هجومية للجيش الأمريكي.

جذور رمزية ورسائل سياسية قوية

برر ترامب الخطوة خلال مؤتمر صحفي بأن “اسم وزارة الدفاع دفاعي للغاية، ونحن نريد أن نكون هجوميين أيضًا”. وأضاف أن “الاسم الجديد أكثر ملاءمة في ضوء الوضع الحالي في العالم” في إشارة ضمنية إلى حالة الصراع والتوتر مع خصوم الولايات المتحدة وعلى رأسهم روسيا والصين. وأوضح الرئيس الأمريكي أن القرار يأتي في سياق تعزيز “روح المحارب” داخل المؤسسة العسكرية وتشجيع التوجه الهجومي “لا الاكتفاء بالدفاع عن النفس”، حيث اعتبر أن الوزارة ينبغي أن تحمل اسمًا يعكس قوتها وقدرتها على فرض الهيمنة والقوة، وليس مجرد ردع الأعداء عند الحاجة.

ويتماشى القرار مع سياسة ترامب المعروفة بالخروج عن الأعراف التقليدية الأمريكية والتركيز على الشعارات الرنانة، مثل “اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا”. كما سبق للبيت الأبيض تحت إدارة ترامب أن طرح تعديلات تسمى رموزًا تاريخية وقواعد عسكرية لإبراز روح “عصر الانتصارات الأمريكية”.

Web_Photo_Editor-8-1 لماذا أعاد ترامب تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب؟

هل القرار ملزم قانونياً؟

رغم أن ترامب وقع الأمر التنفيذي وطلب من وزير الحرب الجديد بيت هيغسيث والمسؤولين الآخرين استخدام الألقاب الجديدة في كل المراسلات الرسمية، إلا أن الخبراء أكدوا أن التغيير الرسمي لاسم الوزارة يتطلب موافقة الكونغرس، إذ لا يملك الرئيس وحده السلطة القانونية لإعادة تسمية وزارة حكومية اتحادية. ولذلك سيستخدم الاسم الجديد حالياً كـ”اسم ثان” بجوار الاسم القانوني الأصلي في كل الوثائق الرسمية، بانتظار استكمال الإجراءات التشريعية. في الوقت نفسه، بادر مشرعون جمهوريون إلى الدفع نحو تقنين تغيير الاسم عبر مشاريع قوانين تدعم رؤية ترامب للعودة إلى “لغة الحسم والانتصار”.

دوافع القرار: بين تعزيز روح المحارب ورسائل الردع

وصف وزير الحرب بيت هيغسيث، القرار بأنه يتجاوز مجرد التغيير الشكلي، ويهدف إلى إعادة بنية الوزارة لطابع هجومي يُعيد للجيش ثقته وتماسكه، معتبرًا أن الوزارة بحاجة للخروج من “حالة الدفاع الفاترة” إلى استعداد دائم للهجوم وتحقيق الانتصارات. وكان هيغسيث وجّه انتقادات متكررة لسلوك المؤسسة العسكرية في العقود الأخيرة، مشددًا على ضرورة تعزيز ثقافة القسوة والفتك، مستدعيًا مرحلة الحرب العالمية الثانية كنموذج للريادة الأمريكية.

ويعكس هذا القرار أيضاً إحباط جناح المحافظين في واشنطن من تداعي منظومة الردع الأمريكية، والأداء العسكري في حروب ما بعد الحرب العالمية الثانية، مقارنة بما يسمونه حقبة “الحسم والانتصار”، ودعاة “استعادة أمريكا القوية” يرون في التسميات الهجومية رسالة ردع واضحة للخصوم.

انتقادات حادة وكلفة مالية ضخمة

لم تمر خطوة ترامب دون انتقادات لاذعة من الديمقراطيين ومسؤولين سابقين في البنتاغون وحلفاء واشنطن. واعتبر كثيرون القرار “مسرحية سياسية باهظة الكلفة”، إذ تقدر وسائل إعلام أمريكية تكلفة تغيير اسم الوزارة وما يتبعها من تعديلات على ختم الوزارة والوثائق والمنشآت الموزعة في 40 دولة بأكثر من مليار دولار.

وتوالت التحذيرات من أن الخطوة تلتهم وقتًا وجهدًا إداريًا دون فائدة عملية للأمن القومي، مذكرة بما أنفقته الإدارة السابقة على إعادة تسمية 9 قواعد عسكرية فقط. كما أكد مراقبون أن التسمية الجديدة تغذي الدعاية الروسية والصينية وتمنح خصوم الولايات المتحدة مادة مجانية لاتهامها بالعدوانية.

Web_Photo_Editor-6-2 لماذا أعاد ترامب تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب؟

الأبعاد الدولية وردود الحلفاء

أثار القرار قلق حلفاء واشنطن، إذ أشار عدد من المعلقين في أوروبا وكندا إلى أن المصطلح الجديد يتناقض مع تسميات بقية وزارات الدفاع في التحالف الغربي، ويرسل إشارات خاطئة عن نوايا واشنطن العالمية، خصوصًا أنها تزامنت مع تنفيذ عمليات عسكرية واسعة في مناطق حساسة امتدت من اليمن وإيران إلى البحر الكاريبي.

ولفتت تقارير إعلامية إلى أن العودة لاستخدام اسم “وزارة الحرب” تأتي في لحظة تتزايد فيها النزاعات العالمية وتقل فيها الثقة بسياسات الردع، في حين يُنظر إلى الخطوة على أنها رسالة موجهة للداخل الأمريكي قبل الخارج، لتعبئة القاعدة الانتخابية لترامب وإعادة الروح للفكر الهجومي الأميركي.

الخلاصة: صراع المفاهيم في أمريكا “عصر ترامب”

تكشف خطوة إعادة التسمية عن صراع أعمق داخل أميركا حول معنى القوة ودور الدولة الفيدرالية في العالم. في حين يراها أنصار الرئيس الأمريكي استعادة لروح الحسم والانتصارات وتحفيزًا للمقاتلين، يصفها منتقدوه بأنها نزعة عدوانية شكلية تهدد صورة واشنطن وتكبدها نفقات طائلة دون عائد ملموس. وبين هذا وذاك، تتبقى المعركة التشريعية المسيسة لتحدد ما إذا كان اسم “وزارة الحرب” سيعود دائمًا أم سيظل مجرد شعار عابر في سجل إدارة ترامب.

 

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر

Share this content: