قوة الاقتصاد السعودي تدعم تدفق الاستثمارات الأجنبية
إشادة دولية ونمو متسارع للقطاعات غير النفطية
يحظى الاقتصاد السعودي في الآونة الأخيرة بإشادة واسعة من المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، الذي أكد في أحدث تقاريره على متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على مواجهة التحديات العالمية المتزايدة، خاصة في ظل حالة عدم اليقين التي تشهدها الأسواق الدولية. وتبرز قوة الأنشطة غير النفطية وتفعيل نظام الاستثمار الجديد كعوامل رئيسية في تعزيز جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية، ودعم مسارها نحو تحقيق أهداف رؤية 2030.
إشادة صندوق النقد الدولي: ثقة عالمية في الاقتصاد السعودي
في مقابلة مع قناة “العربية Business”، أوضح الدكتور محمد مكني، أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام، أن إشادة صندوق النقد الدولي بأداء الاقتصاد السعودي تمثل دليلاً واضحاً على قدرة المملكة على مواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية. وأشار مكني إلى أن تقرير الصندوق ركز بشكل خاص على أهمية نظام الاستثمار الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في فبراير 2025، متوقعاً أن يكون له أثر كبير في تعزيز تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المملكة خلال السنوات المقبلة.
نظام الاستثمار الجديد: بوابة لجذب الاستثمارات الأجنبية
منذ تطبيق نظام الاستثمار الجديد، شهدت المملكة العربية السعودية تحسناً ملحوظاً في بيئة الأعمال، حيث تم تبسيط الإجراءات وتقليص القيود البيروقراطية، ما جعل السوق السعودي أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب. ويؤكد خبراء الاقتصاد أن هذا النظام سيسهم في رفع مستوى الشفافية وحماية حقوق المستثمرين، بالإضافة إلى توفير حوافز متنوعة تشجع على ضخ رؤوس الأموال في القطاعات الاستراتيجية.
قوة الاقتصاد السعودي في مواجهة التحديات
رغم التحديات الاقتصادية العالمية، أشار الدكتور مكني إلى أن الاقتصاد السعودي أثبت مرونته وقدرته على امتصاص الصدمات، مستشهداً بعدة مؤشرات إيجابية، من بينها:
-
استقرار معدلات التضخم عند مستويات طبيعية لم تتجاوز 3%، ما يعكس فعالية السياسات النقدية المتبعة.
-
نمو التوظيف في القطاع الخاص بنسبة تقارب 12% بنهاية 2024، وهو ما يعزز من قوة الطلب المحلي ويحفز الاستهلاك.
-
ارتفاع مؤشر مديري المشتريات لمستويات تاريخية تجاوزت 60 نقطة خلال الربع الأول من 2025، ورغم تراجعه إلى 58 نقطة بنهاية الربع الأول، إلا أنه لا يزال يعكس توسعاً اقتصادياً ملحوظاً، خاصة في القطاع الصناعي.
نمو القطاعات غير النفطية: ركيزة أساسية للتنويع الاقتصادي
يشير تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن توسع النشاط غير النفطي في المملكة يمثل أحد أبرز عوامل النمو المستدام، حيث شهدت القطاعات غير النفطية نمواً متسارعاً خلال العامين الماضيين، مدعومة باستثمارات ضخمة في مجالات السياحة، والصناعة، والتقنية، والرياضة، والترفيه. وتوقع الصندوق استمرار هذا النمو خلال العام الجاري، في ظل استمرار الإصلاحات الاقتصادية وتدفق الاستثمارات الأجنبية.
ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر
أوضح الدكتور مكني أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة نمت بنسبة 26% خلال عام 2024، ما يعكس ثقة المستثمرين في مستقبل الاقتصاد السعودي. وأكد أن من يتابع البيانات الاقتصادية السعودية، سواء معدلات التضخم أو البطالة أو نمو القطاع غير النفطي، سيكتشف أن الحراك الاقتصادي مستمر بوتيرة قوية، وأن المملكة ماضية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية.
الدين العام ومستويات الأمان المالي
وحول إمكانية أن تساهم إشادة صندوق النقد الدولي في جذب المستثمرين نحو أدوات الدين السعودية، أشار مكني إلى أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لا تزال عند مستويات صحية، ما يمنح المملكة مساحة آمنة لمزيد من الاقتراض عند الحاجة، خاصة لتمويل مشاريع رؤية 2030 العملاقة. وأكد أن الاقتصاد السعودي يمثل الضامن الحقيقي للمستثمرين المحليين والأجانب، بفضل متانته وحجم الاحتياطيات الضخمة التي تمتلكها المملكة.
متانة القطاع المصرفي والسيولة المرتفعة
لفت مكني إلى أن القطاع المصرفي السعودي يتمتع بمستوى سيولة مرتفع، إضافة إلى متانته وثقة المستثمرين به محلياً ودولياً. وأوضح أن هذه العوامل تسهم في تخفيض مخاطر المستثمرين في أدوات الدين السيادية، ما يتيح للمملكة الحصول على عائدات أفضل دون الحاجة إلى دفع علاوات مخاطر مرتفعة. كما أشار إلى أن المصارف السعودية تلعب دوراً محورياً في تمويل مشاريع رؤية 2030، مع استمرار الاتجاه لإصدار مزيد من الصكوك الدولارية.
مواجهة تحديات النفط: تنويع حقيقي للاقتصاد
ورغم تراجع الناتج المحلي النفطي بأكثر من 4% نتيجة خفض الإنتاج في إطار اتفاقيات “أوبك+”، أكد مكني أن هذا التراجع “مبرر ومتوقع”، ويقابله نشاط مكثف في القطاعات غير النفطية التي تشهد نمواً متسارعاً، في إطار استراتيجية وطنية شاملة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.
نظرة مستقبلية: اقتصاد سعودي أكثر جاذبية واستدامة
يتفق خبراء الاقتصاد على أن المملكة العربية السعودية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق اقتصاد متنوع ومستدام، مدعوم بإصلاحات هيكلية جريئة وسياسات مالية ونقدية رشيدة. وتبقى قوة الاقتصاد السعودي، وبيئة الأعمال الجاذبة، والاحتياطيات المالية الضخمة، عوامل رئيسية في دعم تدفق الاستثمارات الأجنبية وتعزيز مكانة المملكة كوجهة مفضلة للمستثمرين العالميين.
بهذا الأداء القوي والإشادة الدولية، تواصل السعودية تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية وعالمية، وتؤكد قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق النمو المستدام في ظل تحديات الاقتصاد العالمي.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: