دعم هند صبري لقافلة “الصمود” يشعل الجدل في مصر
أثار دعم الفنانة التونسية المصرية هند صبري لقافلة “الصمود” المتجهة إلى قطاع غزة عاصفة من الجدل والانقسام على منصات التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي. ففي الوقت الذي اعتبر فيه كثيرون موقفها تعبيرًا نبيلًا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، رأى آخرون في خطوتها تجاوزًا للموقف الرسمي المصري، مطالبين بسحب جنسيتها المصرية وترحيلها من البلاد. هذا الانقسام الحاد أعاد تسليط الضوء على دور الفنانين في القضايا الإنسانية، وحدود التعبير في ظل الأزمات الإقليمية.
بداية الأزمة: منشور إنستغرام يشعل السوشيال ميديا
انطلقت شرارة الأزمة عندما نشرت هند صبري عبر حسابها على إنستغرام منشورات داعمة لقافلة “الصمود” الإنسانية، التي انطلقت من تونس بهدف كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، مرورًا بمعبر رفح المصري125. لم تتوقع صبري أن يتحول منشورها إلى محور جدل واسع، لكن سرعان ما انتشرت صور وتصريحات مقتطفة من حسابها، وانهالت عليها الانتقادات، معتبرين أن دعمها للقافلة يمثل مساسًا بالسيادة المصرية وتجاهلًا للموقف الرسمي الذي يشدد على ضرورة التنسيق مع السلطات المصرية في أي نشاط إنساني يخص غزة5.
ورغم حذف صبري للمنشور المثير للجدل وإغلاقها خاصية التعليقات على حساباتها، إلا أن الحملة ضدها لم تهدأ، بل تصاعدت وتيرتها مع مطالبات صريحة على مواقع التواصل الاجتماعي بسحب الجنسية المصرية منها وترحيلها من البلاد2357.
دعوات للترحيل وسحب الجنسية
تصاعدت حدة الانتقادات مع دخول شخصيات عامة على خط الأزمة، من بينهم أشرف صبري، والد الفنانة ياسمين صبري، الذي طالب عبر منشور على فيسبوك بفصل هند صبري من نقابة الممثلين وترحيلها من مصر، معتبرًا دعمها للقافلة “جحودًا واضحًا” تجاه الدولة التي احتضنتها فنيًا ومنحتها الفرصة للظهور36. كما طالبت الإعلامية جيهان عبد الله نقيب الممثلين أشرف زكي بسحب تراخيص الفنانين المشاركين أو الراغبين في دعم القافلة، وعلى رأسهم هند صبري25.
وتكررت دعوات مشابهة على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، معتبرين أن ما قامت به صبري إخلال بالاحترام الواجب للدولة المصرية، وتجاوزًا للموقف الرسمي، خاصة وأن القافلة لم تنطلق عبر المسارات الرسمية المعتمدة من قبل القاهرة5.
تضامن فني واسع مع هند صبري
في المقابل، حظيت هند صبري بدعم واسع من الوسط الفني المصري والعربي، حيث رفض عدد كبير من الفنانين والمخرجين والمنتجين الحملة ضدها، مؤكدين على وطنيتها وحبها الشديد لمصر التي اعتبرتها دومًا وطنها الثاني24.
كتب المخرج يسري نصر الله عبر فيسبوك: “هند صبري من أصدق وأجمل الفنانات اللاتي عملت معهن، وحبها لمصر وللمصريين من الصعب التشكيك فيه”23. كما وصف الناقد طارق الشناوي الهجوم بأنها “قصة وهمية، ولعبة مكشوفة” تهدف إلى اغتيالها معنويًا، مطالبًا نقيب الممثلين بالتدخل لكشف خيوط الحملة2.
ودافع المنتج محمد العدل عن صبري قائلاً: “هند صبري ليست في موضع التقييم من حيث انتماءاتها، مصرية تونسية وطنية بامتياز، لا تزايدوا عليها”4. أما الفنانة غادة إبراهيم فأشارت إلى أن صبري متزوجة من مصري وأن أولادها مصريون، مؤكدة أنها تحمل الجنسية المصرية بإصرار منها لأنها تعشق مصر4.
“اغتيال معنوي” أم حق إنساني؟
يرى كثير من النقاد والفنانين أن الحملة ضد هند صبري تحمل خطابًا عنصريًا وتضييقًا على حرية التعبير، خاصة أن دعمها لقافلة “الصمود” جاء في سياق إنساني بحت، بعيدًا عن أي أجندة سياسية أو تجاوز للموقف الرسمي. وأكدوا أن تعاطف الفنانين مع القضية الفلسطينية ليس جديدًا، بل هو امتداد لدور الفن في الدفاع عن القضايا العادلة24.
مسيرة فنية مشتركة بين مصر وتونس
تُعد هند صبري واحدة من أبرز نجمات السينما العربية، حيث بدأت مسيرتها من تونس بفيلم “صمت القصور” عام 1994، ثم انطلقت بقوة في السينما المصرية مطلع الألفية الجديدة عبر أفلام مثل “مذكرات مراهقة”، “بنات وسط البلد”، “الجزيرة”، “الفيل الأزرق”، و”كيرة والجن”2. كما شاركت في مسلسلات ناجحة مثل “عايزة أتجوز” و”البحث عن علا”، وظلت حريصة على حضورها في السينما التونسية بأعمال بارزة مثل “بنات ألفة”.
حافظت صبري على علاقة وثيقة بمصر، مؤكدة في أكثر من مناسبة أن مصر وطنها الثاني، وأنها تحمل الجنسية المصرية عن قناعة وحب4.
بين التضامن الإنساني والسيادة الوطنية
تكشف أزمة هند صبري عن هشاشة العلاقة بين الفن والسياسة في العالم العربي، وتعيد طرح أسئلة حول حدود حرية التعبير للفنانين، ودورهم في القضايا الإنسانية. وبينما يرى البعض أن دعمها لقافلة “الصمود” موقف إنساني يستحق الإشادة، يصر آخرون على ضرورة احترام السيادة الوطنية وعدم تجاوز الموقف الرسمي للدولة.
في النهاية، يبقى موقف هند صبري من قافلة “الصمود” اختبارًا حقيقيًا لمدى تقبل المجتمعات العربية للاختلاف، ولقدرة الفنانين على لعب دورهم الإنساني بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: