دبابات إسرائيلية تقتحم دير البلح لأول مرة
تصعيد ميداني يفتح باب المعاناة والنزوح في غزة
شهدت مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، الاثنين، أكبر عملية توغل بري إسرائيلية منذ اندلاع الحرب قبل 21 شهرًا، لتدخل دبابات الجيش الإسرائيلي الأحياء الجنوبية والشرقية من المدينة في خطوة عسكرية هي الأولى من نوعها في هذه المنطقة، وسط تصاعد المخاوف الإنسانية والأمنية، لاسيما على مصير آلاف المدنيين والرهائن.
العملية العسكرية: غارات تمهيدية وأوامر إخلاء واسعة
بدأ الهجوم البري بعد سلسلة غارات جوية ومدفعية كثيفة ليل الأحد، تلاها إطلاق الجيش أوامر إخلاء لما يقارب مساحة 6 كيلومترات مربعة شملت أحياء دير البلح، حيث أُلقيت آلاف المنشورات لتوجيه الأهالي إلى الرحيل نحو مناطق أكثر ازدحامًا غربي القطاع وخان يونس. وأكد الجيش الإسرائيلي أن العملية تهدف إلى “تدمير قدرات حماس وبنيتها التحتية”، في إطار توسع العمليات البرية لمناطق لم تكن تخضع سابقًا لأي اقتحام.
القلق على مصير الرهائن وتعقيدات عمليات التوغل
وفق مصادر إسرائيلية وإعلامية، فإن التحرك البرّي جاء بعد تردد طويل؛ إذ يشتبه الجيش بأن بعض الرهائن الإسرائيليين لا يزالون محتجزين في دير البلح، ما دفع عائلات الرهائن ومنتدى عائلات المحتجزين لمطالبة الحكومة بتوضيحات عن تداعيات العملية على سلامة أبنائهم.
دمار… قتل ونزوح جديد
أسفر التوغل، الذي صاحبه قصف متكرر استهدف منازل ومساجد، عن مقتل ثلاثة فلسطينيين على الأقل وإصابة آخرين بحسب بيانات المسعفين في غزة، فيما أكدت مصادر أخرى سقوط خمسة قتلى من عائلة واحدة بخان يونس جراء غارة إسرائيلية على خيمتهم.
دفعت الهجمات عشرات العائلات النازحة إلى الفرار مرة أخرى، كثير منهم غادروا بلا أي متعلقات سوى ما يستر الجسد، في مشهد يختصر دورة النزوح والضياع المتكرر في القطاع. وصفت إحدى النازحات كيف فاجأتهم الدبابات دون إنذار مسبق، بينما أكّد آخرون أنهم أرغموا على ترك منازلهم على وقع الانفجارات والقصف.
ضربة قاصمة للبنية الإنسانية وهواجس الأمم المتحدة
حذَّرت الأمم المتحدة من أن منطقة الإخلاء الجديدة تضم مستودعات مساعدات، مرافق طبية، وبنية تحتية حيوية للمياه، وأن أي ضرر يصيب هذه المرافق سيزيد من الكارثة الإنسانية في غزة. ويقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن 50 إلى 80 ألف شخص كانوا في المنطقة وقت الهجوم، نصفهم من النازحين أصلًا، والآن بات أكثر من 87% من مساحة غزة خاضعة لأوامر التهجير أو ضمن مناطق عسكرية إسرائيلية، ليحشر 2.1 مليون فلسطيني في شريط جغرافي خانق تبلغ مساحته 12% فقط من القطاع.
نداءات استغاثة واتهامات لإسرائيل بخنق المساعدات
أكدت منظمات إغاثة عاملة ميدانيًا أن الوضع “حرج للغاية”، مع تقدم المركبات العسكرية لمسافة 400 متر فقط من مقراتها. وباتت الحركة الإنسانية شبه مشلولة بفعل الاشتباكات والانفجارات الكثيفة، ما يهدد عملية توزيع الغذاء والعلاج ويعمّق معاناة السكان.
وسط تصاعد التوغل البري الإسرائيلي في دير البلح، تتفاقم المخاوف على المدنيين بين نزيف الدماء المتواصل ودوامة النزوح الجماعي، بينما يزداد الحصار شراسة وتضيق رقعة الأمان والمساعدات، في مشهد يعمّق الكارثة الإنسانية ولا يشي بقرب الحل.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: