صراع سياسي أمريكي يرتدي الجينز

تشهد الساحة السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة واحدة من أكثر موجات الجدل والإثارة خلال الصيف الجاري، بعد أن تحولت حملة إعلانية للممثلة الأمريكية سيدني سويني إلى نقطة تصادم جديدة بين الجمهوريين والديمقراطيين، وقودها هذه المرة كانت “سراويل الجينز” و”الجينات الوراثية”! فالجدل الذي انطلق من إعلان شركة “أميريكان إيغل” انتقل بسرعة البرق ليبلغ البيت الأبيض، ويستثير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه ليمنح الحملة دفعة مفاجئة، ويكشف الستار عن جانب مختلف من معارك الثقافة والسياسة في البلاد.

حملة تثير العاصفة بسبب التشابه بين “الجينز” و”الجينات”

بدأت القصة مع حملة جديدة أطلقتها شركة “أميريكان إيغل” لخط إنتاج الجينز، تتصدرها النجمة الصاعدة سيدني سويني، صاحبة الأدوار اللافتة في مسلسلي “Euphoria” و”White Lotus”. اختار القائمون على الإعلان شعار “Sydney Sweeney Has Great Jeans” (لدى سيدني سويني جينز رائع)، في تلاعب لفظي ذكي بين كلمة “جينز” (Jeans) التي تعني السراويل، وكلمة “جينات” (Genes) أي الصفات الوراثية.

يُظهر الإعلان سويني وهي تشرح ما تحمله جيناتها، قائلةً “جيناتي زرقاء” في إشارة مزدوجة إلى لون سراويل الجينز وجينات العيون والشعر، وتقوم خلال أحد المقاطع بتغيير كلمة “جينات” (Genes) على لوحة إعلانية لتصبح “جينز” (Jeans).

اتهامات بالدعاية النازية وتمجيد العنصرية

ولكن بدل أن تحصد الحملة إعجاب الجميع، اندلع جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وبين النقاد الليبراليين. اتهم البعض الإعلان بأنه يروّج لمفاهيم عنصرية وتحسين النسل، بل وصل الأمر إلى تشبيهه بالدعاية النازية بسبب ربطه بين الجينات الوراثية والخصائص الجسدية لسويني. رأى منتقدون أن الحملة تحمل إيحاءات بتمجيد “البياض” والجسد المثالي للمرأة، بل وأنها تخاطب ما أسموه “النظرة الذكورية” وتوجه رسائل تمييزية تكرّس صورة نمطية ضيقة عن الجمال في المجتمع الأمريكي.

سويني تحت الأضواء وبرود الشركة وضجة سياسية للحظة

أمام الانتقادات، سارعت “أميريكان إيغل” لنشر بيان تقول فيه إن الشعار كان دائماً عن سراويل الجينز وقصة سيدني سويني الشخصية، مؤكدة على احتفاء العلامة التجارية بكيفية ارتداء الجميع لجينز AE بطريقتهم الخاصة، وأن الجينز الجميل يناسب الجميع بلا تمييز.

حتى الآن، فإن سيدني سويني نفسها لم تخرج بأي تعليق رسمي حول الجدل الدائر، مكتفية بالصمت على الرغم من تصاعد الحملة الإعلامية حولها.

ترامب يدخل الخط: “الآن أحب إعلان سويني!”

انفجر الجدل عندما علم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المُنتمي للحزب الجمهوري، أن سويني مسجلة فعلاً كناخبة في الحزب الجمهوري في مقاطعة مونرو بولاية فلوريدا منذ يونيو 2024، وذلك بحسب ما كشفته سجلات الناخبين لصحيفة “نيويورك بوست”. أعرب ترامب عن حماسه، وقال في ولاية بنسلفانيا: “هل هي جمهورية؟ الآن أحب إعلانها. إذا كانت سيدني سويني جمهورية، فأنا أعتقد أن إعلانها رائع”.

ومضى ترامب ليشير إلى أن هنالك عدد كبير من الجمهوريين في الوسط الفني والإعلامي لم يكن يعلم عنهم أحد، وأن إعلان سويني بمجرد علمه بخلفيتها السياسية أصبح أكثر إثارة في نظره.

الجمهوريون يدافعون والديمقراطيون غاضبون

دافع العديد من قيادات ونشطاء الحزب الجمهوري عن سيدني سويني. ووصف ستيفن تشيونغ، مدير الاتصالات في حملة ترامب، الضجة بأنها استمرار لـ”ثقافة الإلغاء” المستشرية في الأوساط الليبرالية، معتبرًا أن محاولة مهاجمة سويني بسبب إعلان جريء أو انتمائها السياسي تكشف عقلية الإقصاء لدى الخصوم السياسيين.

في المقابل، استمرت أوساط واسعة من الجمهور الديمقراطي واليساري في انتقاد الإعلان وسويني بشكل حاد، مشيرين إلى أن الإعلام والإعلان الأمريكيين يجب أن يكونا أكثر حساسية في مجالات الهوية، الجمال والمساواة.

هل إعلان جينز مجرد سلعة… أم جدل ثقافي وسياسي؟

يرى سياسيون ونقاد أن صدور هذه الحملات في قلب مواسم الانتخابات الأمريكية يعكس عمق الصراع الثقافي الدائر في البلاد، حيث أصبحت الإعلانات الترويجية مساحة لاختبار توجهات الرأي العام، ويغدو الفارق بين التلاعب الذكي بالمعاني أو اللعب على وتر الهويات محور نزاع يلتقطه كل من الجمهوريين والديمقراطيين ويستغلونه لأغراض سياسية.

في ظل صمت سيدني سويني المستمر، يبقى إعلان “جينز” أكثر من مجرد حملة دعائية… إنه مرآة لانقسام أمريكا العميق حول السياسة، قيم المجتمع، وحدود حرية التعبير والابتكار في زمن الإعلام الشبكي وتضخم حروب الهوية. وبين “الجينز” و”الجينز” حكاية جديدة عن كيف أصبح كل شيء، حتى سراويل الجينز، ساحة للصراع بين الحزبين فوق قارعة الثقافة الأمريكية.

فيديو الإعلان: Link

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر