النفط يواصل خسائره بأكثر من 7%
وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وهجمات إيرانية على القواعد الأمريكية
شهدت أسعار النفط العالمية تراجعًا حادًا تجاوز 7% خلال تداولات اليوم الإثنين، مع استمرار حالة الترقب الحذر في الأسواق العالمية لتطورات الأوضاع الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط. جاء ذلك في أعقاب هجمات صاروخية إيرانية استهدفت قاعدة العديد الأمريكية في قطر، في تصعيد خطير يهدد استقرار إمدادات الطاقة العالمية ويرفع منسوب المخاوف حول مستقبل سوق النفط.
هجمات صاروخية إيرانية وتصعيد غير مسبوق
في تطور غير مسبوق، أعلنت إيران شن هجمات صاروخية على قاعدة العديد الجوية التي تضم قوات أمريكية في قطر، وسط تنديد عربي ودولي واسع12. ويشير هذا التصعيد إلى تحول في استراتيجية طهران، حيث ركزت على استهداف المصالح الأمريكية في منطقة الخليج بدلاً من تنفيذ تهديدها التقليدي بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره أكثر من 20% من إمدادات النفط العالمية3.
ورغم خطورة التهديدات الإيرانية، يرى مراقبون أن الأسواق لم تشهد حتى الآن اضطرابات كبيرة في تدفقات النفط، ما دفع بعض المستثمرين إلى الاعتقاد بأن خطر تعطل الإمدادات لا يزال محدودًا في المرحلة الحالية13.
أسعار النفط تهوي لأدنى مستوياتها منذ أشهر
عند إغلاق جلسة اليوم، هبطت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم أغسطس بنسبة 7.44% أو 5.73 دولار لتستقر عند 71.28 دولار للبرميل، بينما فقدت عقود خام نايمكس الأمريكي تسليم أغسطس 7.22% أو ما يعادل 5.33 دولار لتصل إلى 68.51 دولار للبرميل1. هذا الهبوط الحاد جاء بعد موجة صعود مؤقتة في أعقاب الضربات الأمريكية والإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، حيث قفزت الأسعار في البداية نتيجة المخاوف من تعطل الإمدادات، قبل أن تتراجع مع استبعاد إغلاق فوري لمضيق هرمز41.
مضيق هرمز في قلب الأزمة… والتهديد يتحول إلى واقع
لطالما كان تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز – الشريان الحيوي الذي تمر عبره ثلث تجارة النفط البحرية العالمية – مصدر قلق للأسواق، لكنه لم يُنفذ فعليًا قط. ومع تصاعد التوترات الأخيرة، أقر البرلمان الإيراني قرارًا بإغلاق المضيق ردًا على القصف الأمريكي للمواقع النووية، ما دفع المحللين إلى التحذير من أن أي تعطل في المرور عبر المضيق سيؤدي إلى قفزات هائلة في أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال، خاصة وأن معظم صادرات قطر من الغاز تمر عبره3.
تتوقع مؤسسات مالية كبرى مثل غولدمان ساكس أن يصل سعر خام برنت إلى 110 دولارات للبرميل في حال استمر الإغلاق أو تم تقليص التدفق عبر المضيق للنصف لمدة شهر، بينما حذرت ING من “عجز حاد” في السوق إذا طال أمد الأزمة3.
الأسواق المالية والطاقة في حالة ترقب
رغم الهبوط الحاد في أسعار النفط، أظهرت أسواق الأسهم في الشرق الأوسط بعض التفاؤل النسبي، حيث توقع المتعاملون أن تظل تداعيات التصعيد محدودة إذا لم تتأثر الإمدادات بشكل مباشر15. إلا أن حالة عدم اليقين تسيطر على المستثمرين، وسط مخاوف من عمليات بيع واسعة للأصول الخطرة واللجوء إلى الملاذات الآمنة مثل الدولار الأمريكي.
من جانب آخر، أشار تقرير صادر عن منظمة أوابك إلى أن تباين أسعار النفط في الربع الأول من 2025 كان مرتبطًا بتغيرات في الطلب العالمي، وانحسار المخاوف بشأن الطلب في الصين، وارتفاع مخزونات النفط الأمريكية، إلى جانب عمليات بيع مكثفة في سوق العقود الآجلة6.
الغاز الطبيعي المسال… الخطر القادم
لا يقتصر التأثير على النفط فقط، بل يمتد إلى سوق الغاز الطبيعي المسال، حيث تمر معظم صادرات قطر – أحد أكبر موردي الغاز في العالم – عبر مضيق هرمز. أي تعطيل في المضيق سيؤدي إلى قفزات حادة في أسعار الغاز، ما يمثل تحديًا إضافيًا للدول المستوردة التي تسعى لتأمين احتياطاتها الشتوية3.
طاقة أوبك الاحتياطية… غير كافية في ظل النزاع
يشير محللون إلى أن طاقة أوبك الاحتياطية، التي عادة ما تُستخدم كضمانة لاستقرار السوق، لن تكون ذات جدوى كبيرة في حال نشوب نزاع عسكري واسع في الخليج، لأن معظم هذه الطاقة تقع في المنطقة ذاتها3. وهو ما يعني أن الأسعار قد تبقى مرتفعة لفترة طويلة إذا استمرت الأزمة.
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، يبقى سوق النفط العالمي عرضة لمزيد من التقلبات الحادة، وسط ترقب المستثمرين لأي تطورات قد تعيد رسم خريطة الإمدادات وتغير موازين الأسعار في الشهور المقبلة
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: