المفوضية الأوروبية: منطقة شنغن دعامة أساسية للتكامل الاقتصادي الأوروبي
عد مرور أربعين عامًا على تأسيسها، تؤكد المفوضية الأوروبية أن منطقة شنغن تمثل أحد أعمدة الاتحاد الأوروبي الأكثر تأثيرًا ونجاحًا. فقد ساهمت هذه المنطقة بشكل مباشر في تسهيل حياة نحو 450 مليون مواطن أوروبي، من خلال إلغاء القيود على حرية التنقل بين الدول الأعضاء، وتعزيز الشعور بالوحدة الأوروبية، ورفع كفاءة السوق الداخلية التي تعد من أهم ركائز الاقتصاد الأوروبي الحديث.
شنغن: العمود الفقري للسوق الداخلية
في تقريرها الرابع حول الوضع الراهن في منطقة شنغن، سلطت المفوضية الضوء على المكاسب الهائلة التي جلبها هذا النظام، مؤكدة أن شنغن ليست مجرد اتفاقية حدودية، بل هي مكون أساسي للسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي. فبفضلها، أصبحت الحركة اليومية بين الدول الأوروبية أكثر سلاسة وكفاءة، وهو ما انعكس إيجابيًا على حركة العمالة، وسهّل أنشطة الأعمال، وعزّز السياحة، وساهم في رفع مستويات التبادل التجاري والاستثماري بين الدول الأعضاء.
شنغن: الوجهة الأولى عالميًا
وفقًا للتقرير، عادت منطقة شنغن لتحتل الصدارة كأكثر وجهة زيارة في العالم، حيث استقبلت في الفترة الأخيرة أكثر من 500 مليون زائر، في دلالة واضحة على جاذبية المنطقة واستقرارها ومرونتها أمام التحديات العالمية. هذه الأرقام لم تقتصر على جانب السياحة، بل كانت أيضًا محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في العديد من الدول الأوروبية، خاصة تلك التي تعتمد على السياحة والخدمات كركيزة لاقتصادها.
تطور النظام: من اتفاقية حدودية إلى منظومة أمنية متكاملة
لم تتوقف شنغن عند مجرد تسهيل العبور عبر الحدود، بل تطورت على مدار العقود الماضية لتصبح نظامًا متكاملًا يدير الأمن والحدود والهجرة بالتنسيق بين الدول الأعضاء والاتحاد الأوروبي. ومن خلال آليات الدعم المشترك، تمكّنت الدول الأعضاء من مراقبة وإدارة الحدود الخارجية للاتحاد بكفاءة أعلى، بما يضمن أمن المواطنين ويحافظ على انسيابية الحركة في الداخل.
تحديات مستمرة واستجابة استراتيجية
رغم النجاحات، لا تزال منطقة شنغن تواجه تحديات معقدة، من أبرزها قضايا الأمن والهجرة غير النظامية والتهديدات العابرة للحدود. وفي هذا السياق، أوضحت المفوضية الأوروبية أن المرحلة المقبلة من إدارة منطقة شنغن، وتحديدًا خلال دورة حوكمة 2025-2026، ستشهد تركيزًا مكثفًا على معالجة هذه التحديات من خلال:
تعزيز إطار الحوكمة لضمان تنسيق أوسع وأعمق بين سياسات الدول الأعضاء.
تحسين التعاون الشرطي والأمني من خلال وضع نهج منظم ومتماسك يعزز من تبادل المعلومات ويقوي القدرات الميدانية.
تسريع رقمنة العمليات والإجراءات، وهو ما يتيح قدرًا أعلى من المرونة والسرعة في التعامل مع التحديات الأمنية والهجرات المتدفقة، مع الحفاظ على المعايير الأوروبية لحقوق الإنسان.
مستقبل شنغن: نحو مزيد من التكامل والأمن
تسعى المفوضية الأوروبية إلى جعل شنغن أكثر استعدادًا للمستقبل، وأكثر قدرة على التكيف مع التحديات الجديدة، سواء كانت صحية كما شهدنا في جائحة كورونا، أو أمنية أو اقتصادية. ومن خلال التركيز على الرقمنة والتكامل المؤسسي، ستتمكن شنغن من المحافظة على مكتسباتها، بل وتوسيع نطاق تأثيرها لتشمل آليات مبتكرة لتعزيز الاستقرار في المنطقة ككل.
شنغن… أكثر من مجرد حدود مفتوحة
لقد تحولت منطقة شنغن خلال العقود الماضية من مشروع حدودي إلى رمز للوحدة الأوروبية والاندماج العملي بين الشعوب والدول. وبفضل التطوير المستمر والدعم السياسي والمؤسساتي من قبل الاتحاد الأوروبي، ستظل شنغن أحد أبرز النماذج العالمية على كيفية تحويل التحديات إلى فرص، والمبادئ المشتركة إلى واقع يومي يعايشه الملايين.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: