البحر المتوسط يسجل ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة
تحذيرات من كوارث مناخية وشيكة
يشهد البحر المتوسط في الآونة الأخيرة ظاهرة مناخية غير مسبوقة، حيث ارتفعت درجات حرارة مياهه إلى مستويات خطيرة تتجاوز المعدلات الطبيعية بخمس درجات مئوية أو أكثر، خاصة في الجزء الغربي من الحوض. فقد سجلت بعض المناطق درجات حرارة للمياه وصلت إلى 29 أو حتى 30 درجة مئوية، وهو أمر لم يحدث بهذا الشكل من قبل، ويعد مؤشرًا مقلقًا على تغيرات مناخية عميقة تضرب المنطقة وتُنذر بكوارث بيئية ومناخية قادمة.
أسباب ارتفاع حرارة مياه البحر المتوسط
يرجع هذا الارتفاع الحاد في درجات حرارة مياه البحر المتوسط إلى عدة عوامل متداخلة، يأتي في مقدمتها التغيرات المناخية العالمية التي جعلت من هذه المنطقة الحساسة مسرحًا لاضطرابات جوية وبيئية متزايدة. ومن أبرز هذه العوامل:
-
الكتل الهوائية الحارة القادمة من شمال إفريقيا:
تتسبب الرياح المدارية الساخنة القادمة من الصحراء الكبرى في رفع حرارة المياه بشكل ملحوظ، خاصة مع ازدياد موجات الحر التي تجتاح جنوب وغرب أوروبا. فهذه الرياح لا تنقل الحرارة إلى اليابسة فقط، بل ترفع حرارة سطح البحر، مما يحوّل المياه إلى مصدر طاقة هائل يغذي الظواهر الجوية المتطرفة. -
تزايد شدة الموجات الحارة:
شهدت العديد من المدن الأوروبية المطلة على البحر المتوسط درجات حرارة قياسية تجاوزت 40 درجة مئوية، ما أدى إلى تسخين المياه بشكل غير معتاد، وزيادة معدلات التبخر، وبالتالي تعزيز تكوين المنخفضات الجوية والعواصف. -
التغير المناخي العالمي:
ساهمت ظاهرة الاحتباس الحراري في اضطراب النظام البيئي البحري، حيث ارتفعت درجات حرارة المياه على مدى السنوات الماضية بوتيرة متسارعة، ما أثر بشكل مباشر على التوازن البيئي في البحر المتوسط.
تداعيات خطيرة على المناخ والحياة البحرية
لا يقتصر تأثير هذا الاحترار على ارتفاع درجات الحرارة فقط، بل يمتد ليشمل سلسلة من التغيرات المناخية الخطيرة التي تهدد المنطقة بأكملها:
-
زيادة معدلات التبخر:
ارتفاع حرارة المياه يؤدي إلى زيادة التبخر، ما يرفع من احتمالية تشكل منخفضات جوية أكثر حدة، ويزيد من قوة العواصف والأمطار الغزيرة في بعض المناطق، بينما تعاني مناطق أخرى من جفاف شديد نتيجة اختلال التوازن المناخي. -
تكرار العواصف المتوسطية (ميديكان):
الدفء الزائد في مياه البحر المتوسط يعزز من تكوين العواصف المتوسطية المعروفة باسم “ميديكان”، والتي قد تتطور أحيانًا إلى أعاصير من الدرجة الأولى. وقد شهدت مصر وعدة دول ساحلية في السنوات الأخيرة عواصف قوية تركت آثارًا مدمرة، مثل عواصف 2015 و2019 والعاصفة الشهيرة في 2020. -
تهديد مباشر للمناطق الساحلية:
تزداد خطورة هذه العواصف على المدن والمناطق الساحلية، حيث يمكن أن تتسبب في فيضانات مفاجئة، وانقطاع الكهرباء، وتدمير البنية التحتية، فضلًا عن تهديد حياة السكان. -
تأثيرات على الحياة البحرية:
ارتفاع درجات الحرارة يهدد التوازن البيئي في البحر، حيث يؤثر على الكائنات البحرية ويزيد من معدلات نفوق الأسماك والشعاب المرجانية، كما قد يؤدي إلى هجرة بعض الأنواع بحثًا عن بيئات أكثر ملاءمة.
تحديات الاستعداد والتكيف مع الظواهر المناخية الجديدة
مع اقتراب مواسم الخريف والشتاء، تزداد المخاوف من أن تؤدي هذه الظواهر إلى المزيد من الكوارث المناخية، خاصة مع استمرار ارتفاع درجات حرارة المياه. ويطرح هذا الوضع تساؤلات ملحة حول مدى استعداد دول حوض البحر المتوسط لمواجهة هذه التحديات، وضرورة وضع خطط شاملة للتكيف مع الواقع المناخي الجديد.
عوامل تزيد من خطورة الوضع في البحر المتوسط:
-
تزايد حدة الرياح المدارية الحارة من شمال إفريقيا.
-
اضطراب النظام البيئي البحري بسبب التغير المناخي العالمي.
-
ارتفاع معدلات التبخر التي تعزز تكوين المنخفضات الجوية والعواصف.
-
تكرار ظاهرة العواصف المتوسطية التي تهدد المناطق الساحلية باستمرار.
-
اختلال توزيع الأمطار بين المناطق المختلفة المحيطة بالبحر.
ضرورة التخطيط والاستجابة السريعة
أصبح من الضروري أن تضع دول المنطقة خططًا متكاملة لمواجهة تداعيات الاحترار البحري، تشمل تطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتعزيز البنية التحتية الساحلية، وتبني سياسات بيئية أكثر صرامة للحد من الانبعاثات الكربونية. كما يجب رفع الوعي المجتمعي حول خطورة التغيرات المناخية وأهمية الاستعداد للأحداث الجوية المتطرفة.
مع استمرار الاحترار البحري وتزايد الظواهر المناخية المتطرفة، يبقى البحر المتوسط في قلب العاصفة، ويصبح الاستعداد والتخطيط ضرورة حتمية لحماية المجتمعات الساحلية والبيئة البحرية من كوارث قد تكون غير مسبوقة في تاريخ المنطقة.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: