الإمارات واقتصاد المستقبل

الإمارات واقتصاد المستقبل - الاقتصاد الأخضر

الإمارات واقتصاد المستقبل

كيف تصنع القيادة سباق الابتكار الأخضر؟

وسط الضغوط البيئية العالمية وتسارع التغيرات المناخية، تقف دولة الإمارات العربية المتحدة كحالة فريدة في الشرق الأوسط والعالم، مؤسِّسةً لاقتصاد أخضر متكامل ليس فقط كشعار دعائي أو “إطار استراتيجي”، بل كمحور حقيقي لتحولات اقتصادية وطنية شاملة. في حوار خاص مع الخبير في الاقتصاد الأخضر محمد كرم، نستكشف خفايا الريادة الإماراتية وكيف تحوّل الطموح البيئي إلى إنجازات قابلة للقياس.

Web_Photo_Editor-8-14 الإمارات واقتصاد المستقبل

ريادة إماراتية واستراتيجية دولة

يشير كرم إلى أن الحضور الإماراتي في ملف الاقتصاد الأخضر كان مبكرًا واستثنائيًا، حيث دشنت القيادة، منذ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب الرئيس، مرحلة جديدة من الوعي البيئي. “البداية كانت رؤية واضحة بأن البيئة ركيزة وطنية، وليست مجرد توصية أممية”، يؤكد كرم.

هذه الرؤية تحولت إلى التزام حقيقي عبر أهداف استراتيجية معلنة، أبرزها تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 وضخ استثمارات ضخمة بين 150 و200 مليار درهم في الطاقة المتجددة حتى 2030، ما يرسخ مكانة الإمارات كمحور عالمي للتمويل والتطوير المناخي.

مشاريع عملاقة وصناديق استثمارية خضراء

تجسد الإمارات قيادتها للمشهد من خلال مبادرات نوعية، أبرزها إطلاق صندوق ألتيرا بقيمة 30 مليار دولار، والذي يستهدف تعبئة استثمارات مناخية تتجاوز 250 مليار دولار؛ دعمًا للدول النامية والشباب والمجتمعات الأصيلة، كما أُعلن في مؤتمر COP28 التاريخي في دبي.

التحديًا الأكبر: الوعي المجتمعي والعمل الجماعي

يشدد كرم على أن الوعي العام بالتغير المناخي ما زال الحاجز الأول أمام التحول العالمي للاقتصاد الأخضر. ويقول: “رغم مبادرات التمويل، يظل الوعي المنهجي خصوصًا في الدول النامية الركيزة الغائبة، بجانب محدودية الموارد والقدرات الفنية”.

ورغم أن الكثير من الأهداف المناخية في المنطقة والعالم لا تحقق التنفيذ الميداني، إلا أن الإمارات تنفرد كدولة تحوّل الرؤية إلى مشروعات ناجحة قابلة للقياس والاستثمار، بحسب شهادة الخبير.

سر التميز: التنفيذ والشراكة المجتمعية

يُلخِّص كرم عوامل نجاح التجربة الإماراتية في القيادة “التي لا ترضى سوى بالمركز الأول”، إضافة إلى بنية تحتية متقدمة ودعم تشريعي يشمل قوانين بيئية رائدة، وقطاع خاص نشِط، ومجتمع مدني شريك أساسي في تنفيذ الأجندة الوطنية للاستدامة.

يوضح: “ضمان الاستدامة مسؤولية جماعية. الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني هي العمود الفقري للتغيير”.

Web_Photo_Editor-9-8 الإمارات واقتصاد المستقبل

الاقتصاد الأخضر: نفط المستقبل وفرص الاستثمار

يرى كرم أن الاستثمار في الاقتصاد الأخضر لم يعد رفاهية وإنما ضرورة وأعظم فرص النمو القادمة، مع قطاعات تشمل:

  • الطاقة المتجددة من شمس ورياح وهيدروجين أخضر

  • الذكاء الاصطناعي المرتبط بالبيئة والاستدامة

  • البناء الأخضر والمدن الذكية

  • الزراعة العضوية والتقنيات الزراعية الحديثة

  • النقل الكهربائي والمستدام

  • حلول التدوير والاقتصاد الدائري
    كلها مجالات تخلق وظائف حقيقية وفرصًا استثمارية جديدة، وتجعل الإمارات في مقدمة الأسواق الخضراء عالميًا.

الشباب الإماراتي: رهان القيادة على التغيير

يصف كرم دور الشباب الإماراتي بأنه “المحرك الأهم” في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، مشددًا على أهمية التخصص والتحصيل العلمي والانخراط في المبادرات البيئية، قائلاً: “الشباب هم قلب الاقتصاد الأخضر ورسالة الدولة للعالم بأن المستقبل المستدام ممكن”.

رسالة إلى العالم: النموذج الإماراتي

يختم كرم رسالته: “الإمارات ليست دولة تكتفي بالوعود، بل تصنع الاستدامة بمقاييس عالمية. لن ننجو إلا بجبهة عمل إنساني مشترك، فالعالم في قارب واحد، وأجيال الغد تستحق فرصة أفضل”.

الإمارات ليست مجرد دولة تتحدث عن الاستدامة، بل تقدم للعالم نموذجًا يحتذى في الإرادة السياسية، والابتكار، والتنفيذ الجماعي. وفي أوقات الأزمات البيئية والوعود المؤجلة، يبقى الحلم الإماراتي بتصدّر الاقتصاد الأخضر هو الواقع الأكثر إشراقًا واتزانًا في المنطقة والعالم.

 

ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.

موقع المنبر

Share this content: