أسعار النفط تتراجع تحت وطأة تقييم الأسواق لسياسات ترامب تجاه روسيا والعقوبات المحتملة
تواصل أسعار النفط مسارها التراجعي للجلسة الثانية على التوالي، في ظل ترقب الأسواق العالمية لسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن روسيا، والمهلة التي منحها لموسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وما رافق ذلك من تهديدات بفرض عقوبات ورسوم جمركية جديدة على الدول المتعاملة مع النفط الروسي. هذا الترقب أعاد رسم صورة المشهد النفطي وأثار تساؤلات حول مستقبل أسعار الطاقة على المدى المتوسط والطويل.
تراجعات ملموسة لخام برنت وتكساس
شهدت الأسواق انخفاضًا لافتًا في أسعار العقود الآجلة لخام برنت، حيث فقد نحو 1.6% من قيمته في جلسة الإثنين، ليتداول صباح الثلاثاء دون مستوى 69 دولارًا للبرميل، وتحديدًا بالقرب من 68.87 دولارًا للبرميل. أما خام غرب تكساس الوسيط، فقد تراجع بدوره لأقل من 67 دولارًا مسجلًا حوالي 66.56 دولارًا للبرميل. تشير المؤشرات الفنية إلى استمرار الضغوط البيعية على أسعار النفط، مع توصيات قوية للبيع من غالبية النماذج التقنية.
مهلة ترمب: تهدئة مخاوف العقوبات الفورية وزيادة القلق المستقبلي
أعلن الرئيس ترمب منح روسيا مهلة 50 يومًا لإنهاء الحرب على أوكرانيا، مع التهديد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% حال فشل الحل، ليظهر تأثير ذلك واضحًا في الأسواق. فقد انخفضت وتيرة القلق بشأن اتخاذ إجراءات عقابية فورية ضد صادرات موسكو النفطية، ما أفقد السوق دعماً كان قائماً على المخاوف من تأثير العقوبات المباشرة على الإمدادات العالمية.
وفي حين اكتفت الأسواق بالمراقبة، فقد أبدى بعض المتعاملين تفاؤلًا حذرًا بإمكانية التوصل إلى تسوية وتجنب إجراءات عقابية صارمة بالمدى القريب، الأمر الذي عزز الاتجاه الهبوطي للأسعار رغم استمرار التوترات الجيوسياسية.
ضغوط تجارية وتوقعات بتباطؤ النمو
لم تقتصر العوامل الضاغطة على العقوبات المحتملة، إذ أضاف ترمب تهديدات بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك بدءًا من أغسطس، ما أثار مخاوف إضافية بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتراجع الطلب على الوقود، وهو ما يضغط بدوره على أسعار النفط. أظهرت التوترات التجارية مع شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين تأثيرًا مباشرًا على التوقعات المستقبلية للطلب.
الأسواق تقيّم العرض والطلب… وأوبك وغولدمان ساكس يراجعان التوقعات
توقعت أوبك طلبًا قويًا جدًا على النفط في الربع الثالث من 2025، كما رفعت غولدمان ساكس تقديراتها لأسعار برنت في النصف الثاني من العام بنحو 5 دولارات، مستندة إلى احتمالات اضطرابات بالإمدادات وتقلص المخزونات خاصة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. مع ذلك، أبقى البنك توقعاته لعام 2026 عند 56 دولارًا للبرميل، مع إشارته إلى ترقب “انخفاض كبير محتمل” في الأسواق على المدى المتوسط.
الصين والهند تحت المجهر
برزت الهند والصين كمحركين أساسيين لسوق النفط الروسي؛ إذ استمرت الهند في شراء الخام الروسي بكثافة، بينما واصلت الصين استيراد كميات كبيرة منه، وارتفع إجمالي إنتاج التكرير الصيني لمستويات هي الأعلى منذ أشهر، ما دعم جزئياً استقرار الطلب الآسيوي. يأتي ذلك وسط مراقبة لصيقة لأداء مصافي النفط الآسيوية، خاصة مع ارتفاع الطلب الموسمي خلال الصيف.
مؤشرات قصيرة المدى مقابل مخاوف طويلة الأجل
على الرغم من المؤشرات الآنية التي تعكس دعماً للأسعار نتيجة توازنات العرض والطلب، إلا أن الضغوط المتنامية بفعل سياسات الحماية التجارية وغياب إجراءات حاسمة ضد إنتاج النفط الروسي تدفع السوق نحو المزيد من الحذر. يتوقع اقتصاديون أن تتصاعد الضغوط النزولية بدءًا من الربع الرابع من 2025 مع احتمالية تفاقم الفائض بين العرض والطلب.
ومع دخول النصف الثاني من العام، يبقى المشهد النفطي مفتوحًا على كل الاحتمالات بين صعود فصير الأمد مدفوعًا باضطرابات الإمدادات وتوازن المخزونات، وضغوط نزولية ترتبط بالسياسات الدولية وتغيرات الطلب العالمي، ليظل النفط في قلب معادلات الاقتصاد والسياسة العالميين.
ابقَ على اطلاع دائم بكل جديد في العالم مع المنبر، منصتكم للأخبار الموثوقة.
Share this content: