في ظل تصاعد المواجهات العسكرية بين إيران وإسرائيل، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحات مثيرة حول مستقبل الصراع في الشرق الأوسط، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين، ومؤكداً استمرار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، مع انفتاحه على الوساطات الدولية، بما فيها وساطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فهل تشهد المنطقة قريباً تحولاً استراتيجياً نحو السلام، أم أن التصعيد سيظل سيد الموقف؟

تصاعد المواجهات: ضربات متبادلة وتوتر إقليمي

منذ فجر الجمعة، دخلت المواجهة بين إسرائيل وإيران مرحلة غير مسبوقة، حيث شنت القوات الإسرائيلية هجوماً واسعاً على الأراضي الإيرانية مستخدمة عشرات المقاتلات لقصف منشآت نووية وقواعد صواريخ في مناطق متفرقة، واغتالت عدداً من القادة العسكريين البارزين وعلماء نوويين16. وردت إيران بإطلاق موجات من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على أهداف إسرائيلية، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وعسكريين من الجانبين6.

وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن حصيلة الضربات الإسرائيلية على إيران خلال يومي الجمعة والسبت بلغت 128 قتيلاً بينهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى مئات الجرحى، فيما أسفرت الهجمات الإيرانية على إسرائيل عن مقتل 13 شخصاً وإصابة أكثر من 200 آخرين6. هذا التصعيد دفع إسرائيل إلى إغلاق عدد من ممثلياتها وسفاراتها حول العالم تحسباً لهجمات انتقامية، كما فرضت السلطات الإسرائيلية إجراءات أمنية مشددة داخل البلاد1.

ترامب: “آمل في اتفاق قريب… والدبلوماسية ليست مستبعدة”

في خضم هذه التطورات، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال توجهه إلى قمة مجموعة السبع في كندا، بأنه يأمل في أن تتوصل إسرائيل وإيران إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكنه شدد على أن “في بعض الأحيان يتعين على الدول أن تخوض معركة قبل ذلك”149. وأكد ترامب أن الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل في الدفاع عن نفسها، رافضاً الإفصاح عما إذا كان قد طلب من إسرائيل وقف ضرباتها ضد إيران19.

وفي منشور على منصة “تروث سوشيال”، أبدى ترامب تفاؤله قائلاً: “إيران وإسرائيل يجب أن تتوصلا إلى اتفاق، وستتوصلان إليه، تماماً كما جعلت الهند وباكستان يتوصلان إلى اتفاق”، مشيراً إلى أن هناك اتصالات واجتماعات عديدة تجري حالياً من أجل إحلال السلام567. وأضاف: “أنا أبذل الكثير ولا أحصل على أي تقدير، لكن لا بأس، الشعب يفهم. لنجعل الشرق الأوسط عظيماً مرة أخرى”6.

انفتاح على الوساطات وتحذير لإيران

لم يستبعد ترامب إمكانية تدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر في النزاع، حيث صرح في مقابلة مع شبكة “أي بي سي” بأنه “من الممكن أن ننخرط في النزاع بين البلدين، لكن بلادنا ليست منخرطة في الوقت الراهن”7. كما أبدى انفتاحه على أن يؤدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دور وساطة في النزاع، مؤكداً أنهما ناقشا الأمر مطولاً خلال اتصال هاتفي7.

وفي الوقت ذاته، وجه ترامب تحذيراً شديد اللهجة إلى إيران، مؤكداً أن القوات الأمريكية سترد بأقصى قوة وبمستويات غير مسبوقة إذا تعرضت لهجوم إيراني، مشدداً على أن بلاده لم تشارك في الهجمات الإسرائيلية على الداخل الإيراني19.

إسرائيل: العملية تهدف لتغيير موازين القوى وليس النظام

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العملية العسكرية الأخيرة تهدف إلى “ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية، ومصانع الصواريخ الباليستية، والعديد من القدرات العسكرية الأخرى”، واصفاً الهجوم بأنه “غير مسبوق”1. أما الجيش الإسرائيلي، فقد أوضح أن العملية لا تهدف إلى “تغيير النظام الإيراني”، بل إلى تقويض القدرات العسكرية الإيرانية ومنعها من تهديد الأمن الإسرائيلي والإقليمي1.

أصداء دولية ومخاوف اقتصادية

تزامناً مع التصعيد العسكري، ارتفعت أسعار النفط بشكل ملحوظ وسط تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات بسبب الصراع بين إسرائيل وإيران3. كما دعت شخصيات دولية، مثل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى تغليب الدبلوماسية كخيار أمثل لحل الخلاف بين الطرفين2.

هل اقتربت لحظة السلام؟

رغم التصعيد العسكري غير المسبوق، تعكس تصريحات ترامب وجود جهود دبلوماسية مكثفة خلف الكواليس، مع انفتاح على وساطات دولية وإصرار أمريكي على دعم إسرائيل، لكن دون الانجرار المباشر إلى ساحة المواجهة578. ومع استمرار الاتصالات والاجتماعات، يبقى السؤال: هل تنجح الضغوط الدولية في دفع إيران وإسرائيل إلى طاولة المفاوضات، أم أن المنطقة مقبلة على جولة جديدة من التصعيد؟